للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى هو: الثناء عليه سبحانه بجميع أوصاف الكمال والجمال والجلال، وحمده على جميع نعمه الظاهرة والباطنة، فهو سبحانه المستحق للمحامد كلها فهو المتفضل بالنعم كلها، فله الحمد على ربوبيته إذ خلقنا ورزقنا وكفانا وأوانا وأطعمنا وسقانا، وله الحمد على ألوهيته هدانا فرضينا به ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا ورسولًا، فلولا هدايته لنا سبحانه ما اهتدينا ولا صلينا ولا زكينا، قال ربنا: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ … صَادِقِينَ (١٧)} [الحجرات] والمعنى: «بل الله يمن عليكم أيها القوم، أن وفقكم للإيمان به وبرسوله إن كنتم صادقين في قولكم، فإن الله هو الذي منَّ عليكم بأن هداكم له، فلا تمنوا على بإسلامكم» (١). وهو سبحانه الذي أنزل علينا خير كتبه وأرسل إلينا خير رسله، وهدانا لخير الملل وجعلنا من خير الأمم، وما من نعمة حلت بنا إلا من خيره وفضله، وما من بلاء دُفِعَ عنا إلا برحمته، وهو الذي فتح أبواب رحمته لعباده ليسألوه فيجيبهم ويعطيهم، فله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحمد ظاهرًا وباطنًا، حمدَا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (٥٣)} [النحل].

ثانيًا: مكانته ودلالته على التوحيد.

١ - لعظم شأن الحمد افتتح الله كتابه بأفضل سورة فيه، وسماها بسورة الحمد، وافتتحها أيضًا بالحمد، فقال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)}، والحمد يدلل على توحيد الله، والسورة الكريمة كلها في التوحيد وقد مرَّ بيان ذلك في كل ثنايا البحث.

٢ - ولعظم شأن الحمد ودلالته على التوحيد كذلك، فقد حمد الله نفسه العلية في غير ما موضع من كتابه ليحمده عباده، فقد جاءَت كلمة الحمد مقترنة بلفظ الجلالة في مُفتتح خمس سور من القرآن الكريم، وهي سور: الفاتحة، الأنعام، الكهف، سبأ، فاطر، كما وردت {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} في مواضع ستة في ثنايا سور القرآن


(١) تفسير الطبري (٢٢/ ٣٢٠)، بتصرف يسير.

<<  <   >  >>