للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: بيان بعض أوجه المناسبة بين السور المفتتحة بالحمد.

أبرز أوجه التناسب بين السور المفتتحة بالحمد كلِّها:

إن المتأمل في السورة المفتتحةٌ بالحمدِ يتضح ويتبين له عيانًا اقتران ذكر حمد الله تعالى في مطالع تلك السور الخمس بذكر نعمه تبارك وتعالى المستوجبة لحمده سبحانه، سواء كانت تلك النعم ظاهرة أم باطنة، عاجلة أم آجله، نِعَم الحياة الدنيا وما يتعلق بها من مقومات وأسس متمثلة في نعم الله على عباد التي بها صلاح معاشهم ولا غنى لهم عنها البتة، وَنِعَمَهُ العظيمة المتمثلة في بَعث الرسلِ والدلالة على ما بُعِثوا به بإنزال الكتبِ والهداية لشرعته التي شرعها على ألسنتهم، ثم نِعَم ذكر البعثِ والجزاءِ على الأعمال وبيان ما يترتب عليها من الثواب والعقاب، فيطمئن بذلك أهل الإيمان إلى موعود ربهم بالجنة والنعيم المقيم لديه سبحانه فيزدادوا طاعة لربهم وإقبالًا وثباتًا، وينزجر بذلك أهل الكفر والظلم والطغيان والعصيان فينزجروا ويرتدعوا ويعودوا إلى ربهم تائبين منيبين إليه ومستغفرين.

يقول السعد التفتازاني في مفتتح شرحه التلويح في أصول الفقه: (١) «الحمد يكون على النعمة وغيرها، فالله تعالى يستحق الحمد،

أولًا: بكمال ذاته وعظمة صفاته.

وثانيًا: بجميل نعمائه وجزيل آلائه.

ونعمة الله -سبحانه وتعالى- على كثرتها ترجع إلى إيجاد وإبقاء أولًا، وإيجاد وإبقاء ثانيًا ....


(١) سعد الدين التفتازاني (٧٢٢ هـ -٧٩٢ هـ)، عالم وفقيه متكلم، وأصولي نحوي.
هو سعد أبو سعيد مسعود بن عمر بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن الغازي التفتازاني السمرقندي الحنفي. ولد بقرية تفتازان من مدينة نسا في خراسان في أسرة عريقة في العلم حيث كان أبوه عالمًا وقاضيًا، وكذا كان جده ووالد جده من العلماء. و ينظر: الدرر الكامنة (٤/ ٣٥٠)، عجائب المقدور (٤٦٧)، الدليل الشافي على المنهل الصافي (٢/ ٧٣٤).

<<  <   >  >>