للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: ظروف نزولها:

«في بداية نزول الوحي حيث لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد تلقَّى كثيرًا من القرآن جاءه جبريل -عليه السلام- بفاتحة الكتاب، في جوٍ بدأ فيه المشركون يتوجسون خيفة من هذا الجديد الذي لم يألفوه، جاءه بالسورة الكريمة لتكون النبراس الأوفى والمنهج الأكمل رغم إيجازها وقصرها، حيث طالت كافة مجالات القرآن العظيم، واشتملت على شتى مقاصده، فتناولت أصول الدين وفروعه، ولزوم الإِيمان بأسماء الله تعالى وصفاته، وبشرت بالتوحيد الذي لا يكون إلا بإفراده جل شأنه بالعبادة من دعاء واستعانة وتوكل، والتوجه إِليه جلَّ وعلا بطلب الهداية إِلى الدين القويم، وانتهاج المنهج الكريم الذي سار عليه ركب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، إضافة إلى لزوم الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وقضائه وقدره والاعتقاد باليوم الآخر، وقد أنارت السورة الكريمة سبيل النجاة بالتضرع إِليه سبحانه بالتثبيت على الإِيمان ونهج صراط الصالحين، وتجنب طريق المغضوب عليهم والضالين، وبذلك احتوت قصص الأمم السابقة، وتضمنت الأخبار اللاحقة؛ فنوهت بمدارج السعداء، وحذرت من مدارك الأشقياء، وحصرت مصدر التعبد والتشريع في رب السماوات والأرض وحده سبحانه، فكانت إيذانًا من الله تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام بإقامة منهج التوحيد حياة وسلوكًا ودعوة» (١).

رابعًا: سبب نزولها:

لا شك أنَّ معرفة أسباب النزول مما يعين على فهم مراد الله من الآية أو السورة، وبعض السور أو الآيات لا يمكن التوصل لحقيقة معناها وما سيقت من أجله إلا بعد معرفة سبب نزولها والواقعة التي سيقت وأنزلت من أجلها أو بسببها، وكذلك فإن معرفة سبب النزول مما يعين على معرفة وفهم وبيان حكم التشريع الإلهي أيضًا.

وليس كل آية أو سورة في كتاب الله لها سبب نزول، بل إن منها ما يكون له سبب،


(١) هدايات سورة الفاتحة- د. أحمد ولد محمد ذو النورين -مجلة البيان- (١٢/ ٩/ ٢٠١٠ م)، بتصرفٍ يسيرٍ جدًّا.

<<  <   >  >>