للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها ما يكون ليس له سبب؛ لأن نزول القرآن إما ابتدائي ليس له سبب، وإما سببيّ.

وغالب سور القرآن وعمومها ابتدائي ليس له سبب معروف ومذكور، فمنها ما ينزل هداية ابتداءً دون سبب؛ لأنه كتاب هداية للبشرية جمعاء، ومنها ما ينزل للتشريع وبيان الأحكام أو للاعتبار والاتعاظ ككثير من القصص، أو لبيان الناسخ والمنسوخ، أو لذكر الوعد والوعيد، أو قد يرد السؤال فتنزل الآيات بالجواب الشافي الكافي، أو لحادثة قد تقع فتحتاج إلى تفصيل وبيان وإيضاح، أوقد يقع فعل يحتاج إلى بيان معرفة حكمه الشرعي.

وسورة الفاتحة لم يقف الباحث على سبب نزول لها، إلا ما أورده بعض أئمة التفسير بسند منقطع فـ «من طريق أبي ميسرة (أحد كبار التابعين) أن: رسول الله كان إذا برز سمع مناديًا ينادي: يا محمد، فإذا سمع الصوت انطلق هاربًا فقال له: ورقة بن نوفل إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك، فلما برز سمع النداء فقال: «لبيك، قال: قل: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله»، ثم قل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)} … حتى فرغ من فاتحة الكتاب.

قلت: وهو مرسل ورجاله ثقات؛ فإن ثبت حُمِل على أن ذلك كان بعد قصة غار حراء، ولعله كان بعد فترة الوحي والعلم عند الله تعالى» (١) (٢).

ولم يقف الباحث على سبب صحيح ثابت يحسن الاستدلال به في سبب نزول السورة الكريمة.

وقد يقف الباحث على الحكمة من عدم وجود سبب لنزول سورة من السور، وقد لا يقف.

ومنها سورة الفاتحة، فلم يقف الباحث خلال بحثه القاصر على الحكمة من عدم وجود سبب ظاهر لنزولها.

ولعل في هذا كفاية والحمد لله رب العالمين.


(١) العجاب في بيان الأسباب للحافظ ابن حجر (١/ ٢٢٣). والحديث مرسل ورجاله ثقات.
(٢) وينظر أيضًا: الكشف والبيان للثعلبي، أسباب النزول للواحدي (١٧).

<<  <   >  >>