للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: ترتيب نزولها:

قال ابن عباس -رضي الله عنه-: «نزلت بمكة بعد {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ … (١)} [المدثر]» (١)، «ونزلت بعدها {تَبَّتْ يَدَا} [المسد: ١]» (٢).

وقال ابن كثير: إنّها أوّل سورةٍ نزلت، والصّحيح أنّه نزل قبلها {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١] وسورة المدّثّر ثمّ الفاتحة (٣).

وقيل: نزل قبلها أيضًا {ن وَالْقَلَمِ} [القلم: ١]، وسورة المزّمّل، وقال بعضهم: هي أوّل سورةٍ نزلت كاملةً أي: غير منجّمةٍ، بخلاف سورة القلم، وقد حقّق بعض العلماء أنّها نزلت عند فرض الصّلاة فقرأ المسلمون بها في الصّلاة عند فرضها، وقد عدّت في روايةٍ عن جابر بن زيدٍ السّورة الخامسة في ترتيب نزول السّور (٤).

ويتأكد مما سلف نزولها بمكة جملة واحدة غير منجمة، وأنها نزلت في جملة أوائل ما نزل من القرآن بعد المدثر وهو اختيار الحبر ابن عباس -رضي الله عنه-.

ومما نُظم وقيل في ذلك (٥):

قول جعيجع:

نظمتُ ترتيبَ تنزيلِ القُرَانِ كما … عند الحَبَنَّكةِ الميدانِ قدْ سُطرا (٦)

اقرأ بنونٍ ولا تزَّمل الدُّثُرا … والحمد لله تبَّ الشرْك وانكَدرا

فهو يرتب نزول سور القرآن كما رتبها الميداني، فبدأ بـ (اقرأ، ثم نون والقلم، ثم المزمل، ثم المدثر، ثم الحمد وهي الفاتحة، ثم تبت يدا)، وهذا ما عليه الأكثرون.


(١) جمال القراء للسخاوي (١/ ١١).
(٢) القول الوجيز للمخللاتي (١٦١).
(٣) التفسير (١٤/ ١٧٦).
(٤) التحرير والتنوير لابن عاشور (١/ ١٣٥ - ١٣٦).
(٥) ينظر: منظومة نظم الدرر في ترتيب نزول السور، ليزيد عبد الرحمن جعيجع، موقع الألوكة، وهي منظومة طويلة بيَّن فيها ترتيب سور القرآن.
(٦) يعني بذلك: ترتيب عبد الرحمن حبنكة الميداني لنزول سور القرآن، وهو ترتيب قويّ، بلغنا أن الأزهر أقره واعتمده.

<<  <   >  >>