للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم نَظَمَ قائلًا:

يا سائلي عن كتاب الله مجتهدًا … وعن ترتب ما يُتلى من السور

وكيف جاء بها المختار من مضر … صلى الإله على المختار من مضر

وما تقدم منها قبل هجرته … وما تأخر في بدوٍ وفي حضر

ليعلم النسخ والتخصيص مجتهد … يؤيد الحكم بالتاريخ والنظر

تعارض النقل في أمِّ الكتاب وقد … تُؤُوِلت الحجر تنبيها لمعتبر

أم القرآن وفي أم القرى نزلت … ما كان للخمس قبل الحمد من أثر (١)

والشاهد منها من قول الناظم: «تعارض النقل»

أي: تعارضت الأقوال: يعني: أقوال أهل العلم في الفاتحة، أي: في كونها مكية أو مدنية، ومما يدل على مكيتها ما جاء في سورة الحجر من قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧)} [الحجر].

ومن المعلوم أن سورة الحجر مكية باتفاق، وقد امتنّ الله تعالى على رسوله -صلى الله عليه وسلم- فيها بقوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ} الآية، فدل على تقدم نزول الفاتحة على سورة الحجر، إذ كيف يحصل الامتنان عليه من الله بما لم ينزل بعد، وبقريب من هذا المعنى أشار غير واحد من أهل التفسير (٢).

وأخيرًا فإن «الحجر مكية بإجماع. ولا خلاف أن فرض الصلاة كان بمكة. وما حفظ أنه كان في الإسلام قط صلاة بغير {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} يدل على هذا قوله -عليه السلام-: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» (٣) وهذا خبر عن الحكم، لا عن الابتداء، والله أعلم» (٤).


(١) وللاستزادة ينظر: الإتقان للسيوطي (١/ ٤٤).
(٢) الإتقان (١/ ٦٢).
(٣) أخرجه البخاري (٧٥٦)، ومسلم (٣٩٤).
(٤) تفسير القرطبي (١/ ١٥٤).

<<  <   >  >>