للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أنها مدنية.

الثالث: أنه نزل نصفها بمكة، ونزل نصفها الآخر بالمدنية.

الرابع: أنها نزلت مرتين: مرة بمكة، ومرة بالمدينة.

ولا شك في صحة القول الأول، بأنها مكية، وهذا ما عليه الأكثرون، ومما يدلل على ذلك: أنه «قد صح أنها مكية لقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: ٨٧]، وهو مكي بالنص» (١). وقد سبق بيان ذلك في ثنايا البحث.

و «سورة الحجر مكية بلا اختلاف، ولم يكن الله ليمتن على رسوله -صلى الله عليه وسلم- بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب هذا مما لا تقبله العقول» (٢).

وقد وافق قولُ الواحدي قولَ البيضاوي في الاستدلال على مكية السورة بآية الحجر، وزاد عليه استدلالًا واستنباطًا مقنعًا؛ ألا وهو استحالة أن تفرض الصلاة بمكة وتقام دون أن يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب، وقد حقق بعض العلماء هذا القول بذلك الطاهر بن عاشور كما سياتي معنا بعد قليل عند الكلام على ترتيب نزولها.

و «تنبيهٌ يُستنبطُ من تفسير السّبع المثاني بالفاتحة، أنّ الفاتحة مكّيّةٌ، وهو قول الجمهور خلافًا لمجاهدٍ، ووجه الدّلالة أنّه سبحانه امتنّ على رسوله بها وسورة الحجر مكّيّةٌ اتّفاقًا، فيدلّ على تقديم نزول الفاتحة عليها، قال الحسين بن الفضل: هذه هفوةٌ من مجاهدٍ؛ لأنّ العلماء على خلاف قوله، وأغرب بعض المتأخّرين فنسب القول بذلك لأبي هريرة والزّهريّ وعطاء بن يسارٍ» (٣).

ومما نُظم وقيل في ذلك: قولُ أبي الحسن بن الحصار في كتابه الناسخ والمنسوخ:

«المدني باتفاق عشرون سورة والمختلف فيها اثنتا عشر سورة وما عدا ذلك مكي باتفاق».


(١) أنوار التنزيل للبيضاوي (/ ٢٥١).
(٢) أسباب النزول للواحدي (١٧ - ١٧).
(٣) فتح الباري للحافظ ابن حجر (٨/ ١٥٩).

<<  <   >  >>