للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من مشاهد عبودية الطير في القرآن]

ومن مشاهد عبودية الطير لله وتنزيهه عن الند والشريك ما ذُكِرَ الله لنا من خبر هدهد سليمان من تعظيمه لله وتهويله لأمر الشرك في الألوهية من ملكة سبأ وقومها وإنكاره ونفوره وأنفته من عبادتهم وسجودهم للشمس من دون الله تعالى.

وفي ذلك يقول تعالى: {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (٢٣) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (٢٤) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (٢٥) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦)} [النمل: ٢٢ - ٢٦].

ولا ريب أن هذا شرك واضح بين، ولذا ساء الهدهد وهاله ما رأى من سجودهم للشمس فأنف بفطرته وجبلته من عبادتهم تلك، فتمعر وجهه في ذات الله، وقد تسبب بذلك في هداية أمة بأسرها للإسلام ونجاتهم من الشرك الموجب الخلود في النيران.

[مشاهد من عبودية وتسبيح النمل]

النمل أمة من الأمم الخاضعة لسلطان بارئها الخاضعة لكبريائه وعظمته المسبحة بحمده المنزهة والمقدسة لذاته، ومن مشاهد عبوديتها وتسبيحها ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما، فقد ثبت عند البخاري من حديث أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ، فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ» (١).

وفي لفظ مسلم منْ حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أيضًا، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أَنَّ نَمْلَةً قَرَصَتيْ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: أَفِي أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَهْلَكْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ؟» (٢).


(١) البخاري (٣٠١٩)، ومسلم (٢٢٤١).
(٢) مسلم (٢٢٤١).

<<  <   >  >>