للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتصريف شؤون الخلق، ولا شريك له في شيء من ذلك أبدًا، فهو الذي تفرّد في ربوبيته خلقًا، وإيجادًا، ورزقًا وتصريفًا وتدبيرًا، وهذه الأفعال كلها من لوازم ربوبيته جل في علاه، قال سبحانه في شأن الخلق: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: ٦٢]، وقال سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٢٥)} [لقمان]، وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} [الأعراف]، والله هو الخالق لهذه المخلوقات العظيمة فهو: «يخبر تعالى بأنه خلق هذا العالم: سماواته وأرضه، وما بين ذلك في ستة أيام» (١) وهو «سيدكم ومصلح أموركم، أيها الناس، وهو المعبود الذي له العبادة من كل شيء» (٢) وهو: «المنفرد بقدرة الإيجاد، فهو الذي يجب أن يعبد» (٣) فالله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وهو الذي خلق الشمس والقمر والنجوم، وكل هذه المخلوقات مسخرات بأمره سبحانه، وهو خالقها وباريها، فالآية الكريمة تدل على أفعال الله تعالى، حيث خلق السماوات والأرض، وله وحده الخلق والأمر، وهذه الصفات كلها تدل على الربوبية، وهذه الأفعال أيضًا من لوازم ربوبية الله على خلقه.

ويقول تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١)} [يونس] وكل هذه الأفعال دالة على تفرده سبحانه بالربوبية، وتفرده بتدبير وتصريف شؤون خلقه جميعًا.

ودلائل الربوبية وشواهدها أكثر من أن تحصى في كتاب الله تعالى.


(١) ابن كثير (٣/ ٤٢٧).
(٢) الطبري (١٢/ ٤٨٣)، بتصرف يسير ليستقيم الكلام مع النص.
(٣) القرطبي (٧/ ١٩٨).

<<  <   >  >>