ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويعصمهم من الضلالة والغواية بعد الرشاد والهداية.
ويربيهم بصلاح شأنهم كله ورعايتهم وتسديدهم ونصرتهم وتوفيقهم في كل شؤونهم.
وربوبية الله تعالى تشمل المعنيين جميعًا.
و {رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} هو الخالق لجميع العوالم، ما علمنا منها وما لم نعلم، وهو ربّها الذي يدبَّر جميع أمرها قاطبة، فيسوق إليها أرزاقها وأقواتها، وهو المالك لجميع أمرها، المتصرف وحده في جميع شؤونها، فلا يملك أحد من تلك العوالم لنفسه نفعًا ولا ضرًّا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، وكل تلك العوالم كلها لا غنى لها عن فضله ورحمته طرفة عين ولا أدنى من ذلك، فكلهم فقراء إليه وإلى فضله ورحمته فقرًا دائمًا، فكل ما هم فيه من نعم وفضل، فمن واسع جوده وكريم عطائه وواسع رحمته وإحسانه، وكل ما صرف عنهم من البلاء والشقاء والضنك فهومن تصريفه لشؤون خلقه بتدبيره ورحمته، ففقر جميع تلك العوالم لرب العالمين فقر دائم لا ينقطع، وهو مع ذلك سبحانه القيوم على شؤون تلك العالمين غني عنهم أجمعين، قائم بنفسه لا حاجة له لأحد من خلقه، كل ذلك يدعو المؤمن في إعمال فكره وقلبه وعقله في ربوبية رب العالمين وعظمته، ويقدره حق قدره بأن يعبده سبحانه حق عبادته، وألا يصرف شيئًا من تلك العبادة لأحد سواه، لا لنبي مرسل ولا لملك مقرب، وألا يجعل معه ألهًا آخر، ربنا مخاطبًا جميع الناس في أول نداء في القرآن: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)} [البقرة].