للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذًا فـ «[الصراط] (١) المستقيم الذي ليس فيه عوج، قال الله -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: ٥٢ - ٥٣]؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم- بعثه الله ليهديَ إلى صراط مستقيم، وهكذا الرسل جميعًا، كلهم بعثوا ليهدوا إلى الصراط المستقيم يعني: يدعون الناس إلى الصراط المستقيم وهو توحيد الله وطاعة أوامره وترك نواهيه والوقوف عند حدوده، هذا صراط الله المستقيم» (٢).

«والذي هو أَولى بتأويل هذه الآية عندي - أعني: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} -: أنْ يكونَ معنيًّا به: وَفِّقنا للثَّبات على ما ارتضيتَه [كما] (٣) وَفَّقتَ له مَنْ أنعمتَ عليه من عبادِك من قولٍ وعملٍ، وذلك هو الصِّراط المستقيم؛ لأن من وُفِّقَ لِما وُفِّقَ له مَن أَنعم اللهُ عليه من النبيِّين والصدِّيقين والشهداء، فقد وُفِّقَ للإسلام وتصديقِ الرسلِ والتمسُّكِ بالكتاب والعملِ بما أمر الله به، والانزجارِ عمَّا زَجره عنه، واتِّباعِ منهج النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ومنهاجِ أبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ وكلِّ عبدٍ لله صالحٍ، وكلُّ ذلك من الصراط المستقيم، وقد اختلفتْ تراجمةُ القرآن في المعنيِّ بالصراط المستقيم، يشمل معانيَ جميعِهم في ذلك ما اخترنا مِنَ التأويل فيه (٤).

«وذكر الصراط المستقيم مُفردًا مُعرَّفًا تعريفين:

تعريفًا باللام، وتعريفًا بالإضافة، وذلك يُفيد تعيُّنَه واختصاصه، وأنه صراطٌ واحدٌ، وأمَّا طُرُقُ أهلِ الغضب والضلال، فإنه سبحانه يجمعها ويُفردها، كقوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣]، فوَحَّدَ لفظَ الصراط وسبيله، وجمع السُّبُلَ المخالفة له (٥).


(١) أضاف الباحث كلمة (الصراط) لاستقامة المعنى.
(٢) مجموع فتاوى العلَّامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله- (٢٤/ ١٦٨).
(٣) زاد الباحث كلمة (كما) ليستقيم الكلام.
(٤) (ينظر: تفسير الطبري (١/ ١٧١).
(٥) مدارج السالكين (١/ ٣٧).

<<  <   >  >>