للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذا فهي كالمقدمة بين يدي سور القرآن الكريم لاشتمالها على جميع مقاصده وأغراضه ومواضيعه، فهي أجملت ما فُصِّلَ فيه، فناسب أن تتقدم سورَهَ جميعًا، وناسب أن يأتي بعدها سور القرآن متتابعة لتفصل ما أُجمِلَ في فاتحته.

«قال العلماء: إنما افتتح سبحانه كتابه بهذه السورة؛ لأنها جمعت جميع مقاصد القرآن فناسب الافتتاح بها، لأنها تصير كبراعة الاستهلال وهي الإتيان أول الكلام بما يدل على المقصود على وجه الإجمال. وكالعنوان، والمراد بالعنوان نوع من أنواع البديع يسمى بذلك.

قال ابن أبي الأصبع في بدائع القرآن: «العنوان أن يأخذ المتكلم في غرض فيأتي لقصد تكميله وتأكيده بأمثلة في ألفاظ تكون عنوانًا لأخبار متقدمة وقصص سالفة، ومنه نوع عظيم جدًّا وهو عنوان العلوم بأن يذكر في الكلام ألفاظ تكون مفاتيح العلوم ومداخل لها.

والفاتحة لكونها جامعة لجميع مقاصد القرآن، وفيها الإشارة إلى جميع الأخبار المتقدمة من بدء الخلق والأمم السالفة من اليهود والنصارى وغيرهم، وفيها الإشارة إلى مفاتيح العلوم ومداخلها.

فلما جمعت الفاتحة هذه كانت جديرة بأن تكون عنوان القرآن بالتقرير الذي ذكره ابن أبي الأصبع» (١).

ولعل في ذلك كفاية، والحمد لله رب العالمين.


(١) الحاوي للفتاوي للسيوطي (ص: ٣٥١ - ٣٥٢). بتصرف غير يسير من الباحث.

<<  <   >  >>