للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حال خرق السفينة، ألا ترى أنّ أمه -رضي الله عنها- قد ألقت به في اليم لينجو؟ أتكون بمنطق العقل البشري نجاة في إلقاء وليد في اليم؟ أتلحظ شيئًا من الإشارة إلى معنى {يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (١٦)} [الكهف].

وكان منه قتل القبطيّ كمثل ما كان من العبد الصالح (الخضر) قتل الغلام الكافر.

وكان من موسى -عليه السلام- سقي الغنم للفتاتين دون أجر، وهو الذي كان في افتقار إلى ذلك، وهذا كمثل ما كان من العبد الصالح (الخضر) من بناء الجدار في قرية استطعما أهلها، فأبوا أن يضيفوهما.

وهي قد نسقت في السورة كمثل ما نسقت نظائرها وقوعًا في حياة «موسى -عليه السلام-»: الأول فالأول.

تأمل هذا التقارب، وما فيه من لطائف الإشارات، ووجه البيان عنه في سورة الحمد على نعمة الإبقاء الأول، ومنزلة الفقه عن الله -عز وجل- وأثره في تحقيق كمال البقاء الأول».

وذكر من قصَّة ذي القرنين ما انتظم به من حال جميع أهل الأرض بما أقامه من الردم الحاجز بينهم وبين يأجوج ومأجوج فحفظ لهم البقاء الأول

ويشير الباحث: «إلى أن هذا فيه من التناسب الشيء البين الواضح الذي لا تكلف فيه ولا تعسف ولا إعمال للنص وتوجيهه على غير وجهته، والحمد لله».

{ … فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨)} الآية [الكهف].

هذا القصص مشير إلى أسباب البقاء الأول، ولم يذكر في غير هذه السورة وهو لم يذكر معها قصة (الروح) وجعلها في سورة (الإسراء) {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)} [الإسراء]، على الرغم من أنَّ سؤال الكافرين كان عن الثلاثة: أصحاب الكهف وذي القرنين والروح فجاء حديثه عن الروح في (الإسراء) لأنَّه به أليق وأنسب، وذكر قصة الكهف وذي القرنين هنا لما فيهما من دلالة على نعمة الإبقاء الأول بالهداية إلى الحق والصراط المستقيم.

<<  <   >  >>