للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} يدل أيضًا على إثبات قضاء الله وقدره وعلى النبوات، فلما كان المقصد الأعظم من القرآن هذه المطالب الأربعة، وكانت هذه السورة مشتملة عليها - لقبت بأم القرآن» (١).

وفيما ذكره الفخر الرازي وقرره إنما هو تقرير لكل أنواع العبودية في السورة الكريمة، فاشتمال السورة على حمده تعالى وتمجيده بأسمائه وصفاته والثناء عليه والإقرار باليوم الآخر وإثبات البعث والجزاء، وتنزيه الله عن كل نقص ووصفه تعالى بكل كمال يليق بذاته المقدسة، وحصر العبادة والاستعانة فيه وحده، وطلب الهداية إلى صراطه المستقيم، والإلحاح عليه بالثبات على هذا الصراط، صراط المنعم عليهم، وطلب البعد عن طريق أهل الغواية والزيغ ممن غضب عليه وأضلهم، كل ذلك يؤكد ويبرهن ويوضح تقرير السورة الكريمة للعبودية بمعناها الشامل والكامل، وآيات السورة مقررة لأنواع التوحيد الثلاثة كما مر معنا في ثنايا البحث، وكما سيأتي تفصيل ذلك في موضعه بإذن الله تعالى.

ومما يبرهن ويؤكد تقرير الفاتحة للعبودية حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ تعالى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} قَالَ اللَّهُ تعالى: حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)} قَالَ اللَّهُ تعالى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» (٢).

ولعل في هذا كفاية، والحمد لله رب العالمين.


(١) التفسير الكبير للفخر الرازي (ص: ١٤٥).
(٢) مسلم (٣٩٥).

<<  <   >  >>