للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني:

التوحيد وعلاقته بمحور السورة الكريمة

أولًا: قد مرَّ معنا تكرارًا ومرارًا في ثنايا البحث أن التوحيد هو محور السورة الرئيس، ومن هنا يتبين: أن العلاقة بين التوحيد ومحور السورة الكريمة هي علاقة تلازم كتلازم الروح للجسد، فالتوحيد هوالمحور الرئيس في السورة الكريمة؛ يتمثل في كل آيات من آياتها.

ثانيًا: افتتاح السورة بقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) فيه تعظيم وإجلال وإقرار لله بالربوبية في قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}، والله سبحانه وتعالى يحب الحمد ويحب أن يحمده عباده، وقد مرَّ معنا في ثنايا البحث حديث الأسود بن سريع -رضي الله عنه- قال: كنت شاعرًا، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله، إني مدحت ربي بمحامد، قال: «أما إن ربك يحب الحمد» (١)، وحمد العبد ربه إقرار منه لله بالألوهية التي هي توحيد الله بأفعال العباد، وهذا هو عين التوحيد.

ثالثًا: قوله تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)} يتضمن الثناء على الله تعالى بأسمائه الحسنى وفي ذلك تلازم بين توحيد الأسماء والصفات ومحور السورة الرئيس.

رابعًا: قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} فيه التمجيد لله تعالى، المقترن بالإيمان باليوم الآخر، المتضمن للبعث بعد الموت والحساب والجزاء على الأعمال.

خامسًا: قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} فيه إذعان لله واستسلام وانقياد له سبحانه بالتوحيد، وصرف العبادة كلها لله، فحصر العبادة في الله تعالى فيه إقرار بالعبودية له سبحانه وحده ونبذ عبادة كل ما سواه، وكذلك حصر الاستعانة بالله


(١) أحمد) ١٥٦٢٤)، وصححه أحمد شاكر في مقدمته لعمدة التفسير (١/ ٦٢).

<<  <   >  >>