للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يصلح صرفه إلا له سبحانه، فهو مشرك كافر بالله تعالى، ولا ينفعه التلفظ بكلمة التوحيد حتى يصرف العبادات كلها لله ويعمل بلوازمها ومقتضياتها ويخلص الدين كله لله.

ولقد نبه الشيخ حافظ الحكمي -رحمه الله- في كتابه الماتع معارج القبول على ذلك فقال -رحمه الله-: «ليس المراد من ذلك عدَّ ألفاظها وحفظها فكم من عاميٍّ اجتمعت فيه والتزمها ولو قيل له اعُددها لم يحسن ذلك، وكم حافظٍ لألفاظها يجري فيها كالسهم وتراه يقع كثيرًا فيما يناقضها، والتوفيق بيد الله» (١) ا. هـ.

وقيل للحسن البصري (٢) -رحمه الله-: «إن ناسًا يقولون: من قال: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دخل الجنة؛ فقال: «من قال لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فأدَّى حقها وفرضها دخل الجنة» (٣)

وقال وهب بن منبه لمن سأله: أليس مفتاح الجنة لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟

قال: «بلى؛ ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان، إن أتيت بمفتاح له أسنان فُتح لك، وإلا لم يُفتح لك».

يشير بالأسنان إلى شروط لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (٤).

وحيث إن الانتفاع بهذه الكلمة العظيمة الطيبة لا يتم لمخلوق إلا إذا تحققت فيه شروط سبعة، وهذه الشروط أخذها العلماء المحققون بالتتبع والاستقراء للأدلة من الكتاب والسنة، فوجدوا أن تلك الكلمة قُيِدت في الكتاب والسنة بقيود عظيمة الشأن جليلة القدر، وأن هذه الكلمة لا تنفع قائلها إلا إذا استوفى تلك الشروط مجتمعة


(١) معارج القبول (١/ ٣٧٧).
(٢) الحسن البصري (٢١ - ١١٠ هـ)، هو: الحسن بن يسار البصري، تابعي، ولد بالمدينة، رأى بعض الصحابة، وسمع من قليل منهم، شهد له أنس بن مالك وغيره. وكان إمام أهل البصرة، نقل عنه أنه قال بقول القدرية، وينقل أنه رجع عن ذلك، [تهذيب التهذيب (٢/ ٢٤٢ - ٢٧١)؛ والأعلام للزركلي (٢/ ٢٤٢)؛ و (الحسن البصري) لإحسان عباس].
(٣) حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني (٨/ ٩٥).
(٤) التاريخ الكبير للبخاري (١/ ٥٩)، والحلية لأبي نعيم الأصبهاني (٤/ ٦٦).

<<  <   >  >>