للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأسماء المذكورة في هذه السورة هي أصول الأسماء الحسنى، وهي اسم الله والرب والرحمن.

فاسم الله متضمن لصفات الألوهية، واسم الرب متضمن الربوبية، واسم الرحمن متضمن لصفات الإحسان والجود والبر، ومعاني أسمائه تدور على هذا.

وقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)}، يتضمن معرفة الطريق الموصلة إليه، وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه واستعانته على عبادته.

وقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)}، يتضمن بيان أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة إلا بهداية ربه له، كما لا سبيل له إلى عبادته بمعونته، فلا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته.

وقوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)}، يتضمن بيان طرفي الانحراف عن الصراط المستقيم، وأن الانحراف إلى أحد الطرفين انحراف إلى الضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد، والانحراف إلى الطرف الآخر انحراف إلى الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل.

فأول السورة رحمة، وأوسطها هداية، وآخرها نعمة.

وحظ العبد من النعمة على قدر حظه من الهداية، وحظه منها على قدر حظه من الرحمة، فعاد الأمر كله إلى نعمته ورحمته.

والنعمة والرحمة من لوازم ربوبيته، فـ (الرب) لا يكون إلا رحيمًا منعمًا، وذلك من موجبات إلهيته فهو الإله الحق، وإن جحده الجاحدون، وعدل به المشركون.

فمن تحقق بمعاني الفاتحة علمًا ومعرفة وعملًا وحالًا فقد فاز من كماله بأوفر نصيب، وصارت عبوديته عبودية الخاصة الذين ارتفعت درجتهم عن عوام المتعبدين. والله المستعان .. » (١).

وفي ضوء بيان ابن القيم -رحمه الله- تعالى لأقسام التوحيد في كتاب الفوائد يتضح ذلك


(١) الفوائد لابن القيم (ص/ ٢٩ - ٣١).

<<  <   >  >>