للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرق بين المحسن والمسيء، والمطيع والعاصي، والموافق والمخالف، وذلك لا يظهر إلا في يوم الجزاء» (١)، فهو: «مالك أمور العالمين كلها في يوم الدين» (٢)، وهو سبحانه «دانهم كما دانوا» (٣)، وهذا إقرار لله بالملك التام يوم الدين، و {يَوْمِ الدِّينِ (٤)} «من أول يوم الحشر إلى الخلود فالأبد» (٤)، وهو اليوم الذي: «يدين الله العباد بأعمالهم» (٥)، ومن تلك المعاني السابقة لمعنى قوله: {يَوْمِ الدِّينِ (٤)} يتضح ويتبين إقرار العبادة بالإيمان باليوم الآخر الذي هو أحد أركان الإيمان الستة كما هو معلوم من دين الله بالضرورة، وهذا الإقرار متضمن لتوحيد الألوهية. وقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)«قدم المفعول وهو إياك، وكرر؛ للاهتمام والحصر، أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا هو كمال الطاعة. والدين يرجع كله إلى هذين المعنيين» (٦).

و {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، «إياك نوحد ونخاف ونرجو يا ربنا لا غيرك» (٧)، أي: «نوحدك ونطيعك خاضعين. والعبادة: الطاعة مع التذلل والخضوع، وسمي العبد عبدًا لذلته وانقياده، يقال: طريق معبد، أي: مذلل.

{وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)}، نطلب منك المعونة على عبادتك وعلى جميع أمورنا» (٨).

والعبادة: هي التي تجمع معنى الطاعة والخضوع والتذلل والخوف، والاستعانة


(١) التفسير الكبير للفخر الرازي، الفصل الرابع (١٢٩).
(٢) تفسير القاسمي (٢/ ٩).
(٣) التفسير الكبير المسمى بالبحر المحيط لابن حيان الأندلسي، (١/ ٢١).
(٤) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، لبرهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي (١/ ٣١).
(٥) الدر المنثور، لجلال الدين السيوطي، (١/ ٧٢).
(٦) تفسير ابن كثير (١/ ١٣٥).
(٧) جامع البيان للطبري (١/ ١٦١).
(٨) تفسير البغوي (١/ ٥٤).

<<  <   >  >>