للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال القرطبي -رحمه الله-: «أي: ليذلوا ويخضعوا لي» (١).

«قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أي: إلا لآمرهم أن يعبدوني وأدعوهم إلى عبادتي، يؤيده قوله -عز وجل-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا} [التوبة: ٣١].

وقال مجاهد: «إلا ليعرفوني».

وهذا أحسن لأنه لو لم يخلقهم لم يعرفوا وجوده وتوحيده، و «قيل: معناه إلا ليخضعوا إليّ ويتذللوا، ومعنى العبادة في اللغة: التذلل والانقياد، فكل مخلوق من الجن والإنس خاضع لقضاء الله، متذلل لمشيئته لا يملك أحد لنفسه خروجًا عما خلق عليه.

وقيل: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} إلا ليوحدوني، فأما المؤمن فيوحده في الشدة والرخاء، وأما الكافر فيوحده في الشدة والبلاء دون النعمة والرخاء، بيانه قوله -عز وجل-: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت: ٦٥] (٢).

قال القرطبي: «أي: ليذلوا ويخضعوا لي» (٣).

قال النووي: «وهذا تصريح بأنهم خلقوا للعبادة، فحق عليهم الاعتناء بما خلقوا له والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزهادة فإنها دار نفاد لا محل إخلاد، ومركب عبور لا منزل حبور» (٤).

وأهل العبودية الحقة موقنون بذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «إن الله خلق الخلق لعبادته الجامعة لمعرفته والإنابة إليه ومحبته والإخلاص له» (٥).


(١) الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ٥٦).
(٢) تفسير البغوي (٧/ ٣٨١).
(٣) الجامع لأحكام القرآن: (١٧/ ٥٦).
(٤) رياض الصالحين للنووي بتخريج الألباني (ص: ٣٧).
(٥) العبودية (ص ٨٠).

<<  <   >  >>