للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع الخضوع له والانقياد لأمره» (١).

وأن تكون محبته لله محبة ذاتية منفردة لا يشرك في محبته سواه جل في علاه، لأنه لا يُحبُ لذاته إلا الله تعالى، ويحب ما أحب اللهُ ورسولهُ، ويبغض ما أبغض اللهُ ورسولهُ، وأما كل ما سوى الله من المخلوقين فمحبته لما فيه من خير، ولا يُحِب مع الله أحدًا وإنما يُحب في الله ولله؛ ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أحبَّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان» (٢).

قال العلَّامة حافظ الحكمي -رحمه الله-: «وعلامة حب العبد ربه تقديم محابه وإن خالفت هواه، وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه، وموالاة من والى الله ورسوله ومعاداة من عاداه، واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم- واقتفاء أثره وقبول هداه» (٣).

كما قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: ١٦٥].

قال الشوكاني (٤) -رحمه الله-: «هؤلاء الكفار لم يقتصروا على مجرد عبادة الأنداد، بل أحبوها حبًّا عظيمًا وأفرطوا في ذلك إفراطا بالغًا، حتى صار حبهم لهذه الأوثان ونحوها متمكنًا في صدورهم كتمكن حب المؤمنين لله سبحانه» (٥).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: من كان اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن


(١) مدارج السالكين (١/ ٩٩).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٦٨١) من حديث أبي أمامة صُدَيّ بن عجلان. وصححه الألباني في صحيح وضعيف السنن (٤٦٨١).
(٣) معارج القبول (٢/ ٤٢٠).
(٤) محمد بن علي بن محمد الشوكاني، الملقب ببدر الدين الشوكاني، أحد أبرز علماء أهل السنة والجماعة وفقهائها، ومن كبار علماء اليمن ولد في اليمن (١١٧٣ هـ) ونشأ بصنعاء، وولي قضائها ومات حاكمًا بها (سنة ١٢٥٠ هـ).
(٥) فتح القدير (١/ ١٠٨).

<<  <   >  >>