للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرضا بمقدوره يتحقق له المطلوب، وينال من ربه كل محبوب ومرغوب.

ولقد تم البسط في مبحث العبودية والاستعانة لأسباب من أهمها وأبينها ما يلي:

أولًا: لعظم ومكانة وقدر العبودية والاستعانة من الدين.

ثانيًا: لأن مدار البحث حول التوحيد ومعالمه في السورة الكريمة، فهو بمثابة المبحث الأم والرئيس الذي تدور في فلكه مباحث تلك الرسالة جمعاء.

ثالثًا: كون العبودية والاستعانة هما أصلا التوحيد وعماده وأساسه المتين، فكان لابد في ذلك من بيان شاف كاف يحسن للناظر فيه أن يقف على معنى تامٍّ شافٍ يقضي فيه وطره الصالح، وقد ارتوى من معينه وارتشف من رحيقه المختوم وكان ختامه مسكًا، ليتحقق له بعد ذلك التنافس الذي ينبغي أن يتنافس فيه المتنافسون في تحقيق العبودية الكاملة التامة، عبادة واستعانة، ذلًّا وافتقارًا، خضوعًا وإنابة وانكسارًا.

رابعًا: كَثُرَ النقلُ في هذا المبحث الهام عن شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الهمام ابن القيم الإمام -رحمهما الله تعالى-، لكونهما طبيبي هذا الباب، وقد عنيا بقضية التوحيد وأولاها الاهتمام الأكبر والحظ الأوفر فيما صنفاه وكتباه وورثاه الأمةَ، فجاءت كلماتهما كالبلسم الشافي والعلاج الناجع للأدواء المستعصية والأمراض المزمنة، وقد حوى كلامهما بيانًا لكل جوابٍ كافٍ لأي مسترشد عن دواء شاف، فقد بينا عضال الداء وأرشدا لصالح الدواء، فمن تعاطى الدواء عُوفي من الداء، وسلك درب المتقين وارتقى في مدارج السالكين وحقق العبودية والإيمان وتقلب في نعيم منازل إياك نعبد وإياك نستعين.

هذا ولعل المتأمل فيما مضى أن يبصر القولَ الواضحَ المبين، الداعي إلى سلوك السبيل المستبين، ليحط بعده رحاله في مدارج السالكين، ويرتقي في منازل إياك نعبد وإياك نستعين.

والحمد لله رب العالمين.

<<  <   >  >>