للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعريف أبي البقاء الكفوي، هو للتعريف اللغوي أقرب منه للتعريف الاصطلاحي، وقد يشملهما جميعًا.

وقال البغويّ -رحمه الله-: «اهدنا: أرشدنا، وقال عليّ وأبيّ بن كعب -رضي الله عنهما-: ثبّتنا» (١).

وتعريف البغوي شمل الهدايتين جميعًا.

وقال ابن كثير -رحمه الله-: «الهداية: الإرشاد والتّوفيق، وقد تعدّى الهداية بنفسها كما في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)}، فتضمّن معنى ألهمنا أو وفّقنا أو ارزقنا أو أعطنا. و {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (١٠)} [البلد] أي: بيّنّا له الخير والشّرّ. وقد تعدّى بـ (إلى) كما في قوله تعالى: {اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١)} [النحل]، وذلك بمعنى الإرشاد والدّلالة. وقد تعدّى باللّام كقول أهل الجنّة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: ٤٣] أي: وفّقنا وجعلنا له أهلًا» (٢).

وقال ابن القيّم -رحمه الله-: «الهداية: هي البيان والدّلالة، ثمّ التّوفيق والإلهام، وهو بعد البيان والدّلالة.

ولا سبيل إلى البيان والدّلالة إلّا من جهة الرّسل، فإذا حصل البيان والدّلالة والتّعريف، ترتّب عليه هداية التّوفيق» (٣).

وتعريف كلٍّ من ابن كثير، وابن القيم -رحمهما الله تعالى- قد بينا فيه نوعي الهداية، هداية الدّلالة والإرشاد، وهداية التّوفيق والإلهام، وقد تم بيان الهدايتين ومعنيهما في أكثر من موضوع في ثنايا البحث، وكذلك سبق التعريف بالصراط: لغة وشرعًا (٤).


(١) معالم التنزيل للبغوي (١/ ٤١).
(٢) تفسير ابن كثير (١/ ٢٩). وينظر: عمدة التفسير (ص: ٨٠).
(٣) بدائع التفسير (١/ ١١٦).
(٤) منها: ما جاء في المبحث الخامس من الفصل الثاني الموسوم: بـ (المعنى الإجمالي للسورة الكريمة، عند معنى قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)}.

<<  <   >  >>