للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله من الأهواء؟!» (١).

ولذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «شعار أهل البدع ترك انتحال اتباع السلف» (٢).

والعبد مفتقر إلى الهداية في كل حين وآن مهما علا شأن عبوديته واستقامته.

وفي هذا الصدد يقول ابن القيم: «ولذلك اشتدت حاجة العبد، بل ضرورته إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم، فليس العبد أحوج إلى شيء منه إلى هذه الدعوة، وليس شيء أنفع له منها. فإن الصراط المستقيم يتضمن علومًا وإرادات وأعمالًا وتروكًا ظاهرة وباطنة تجري عليه كل وقت، فتفاصيل الصراط المستقيم قد يعلمها العبد وقد لا يعلمها، وقد يكون ما لا يعلمه أكثر مما يعلمه، وما يعلمه قد يقدر عليه وقد لا يقدر عليه، وهو من الصراط المستقيم وإن عجز عنه .. وما يقدر عليه قد لا تريده (أي: نفسه) كسلًا وتهاونًا، أو لقيام مانع وغير ذلك .. وما تريده قد يفعله وقد لا يفعله .. وما يفعله قد يقوم بشروط الإخلاص وقد لا يقوم .. وما يقوم فيه بشروط الإخلاص قد يقوم فيه بكمال المتابعة وقد لا يقوم .. وما يقوم فيه بالمتابعة قد يثبت عليه وقد يصرف قلبه عنه .. وهذا كله واقع سارٍ في الخلق، فمستقلٌ ومستكثر» (٣).

و «الحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى النصر والرزق، بل لا نسبة بينهما؛ لأنه إذا هُدِيَ كان من المتقين {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٢ - ٣]، وكان ممن ينصر الله ورسوله، ومن نصر الله نصره الله، وكان من جند الله، وهم الغالبون؛ ولهذا كان هذا الدعاء هو المفروض» (٤).

«وعلى قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار،


(١) مقدمة سنن الدارمي (١/ ٩٢)، وأصول السنة لابن أبي زمنين (ص: ٢٣٦).
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ١٥٥).
(٣) الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (٢/ ١٤٥ - ١٤٦).
(٤) الجامع لكلام ابن تيمية في التفسير جمع وتحقيق (إياد القيسي) (١/ ١١٦).

<<  <   >  >>