للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصناعة الكذب والبهتان وقول الزور وامتهان الإرجاف والتزييف والتبديل والتغير والتحريف شغلهم ودأبهم، فهم أهل الأباطيل كلها والكذب وقول الزور والبهتان والسماع له، وهم أئمة التزييف والتحريف للحقائق والثوابت، وحتى وحي الله لم يسلم من زورهم وبهتانهم وافترائهم وتحريفهم وتزييفهم وتغيرهم وتبديلهم، وتحريفهم للتوراة التي هي من كلام الله أكبر شاهد عيان على ذلك.

وكلام الله هنا هو: التوراة التي أنزلها الله على نبيه موسى -عليه السلام-.

كما ذكر ذلك أهل التفسير ولا يُعلم في ذلك مخالف، ونُقِلَ ذلك عن غير واحد، منهم السدي قال: «هي التوراة، حرفوها» (١).

«فالذين يحرفونه والذين يكتمونه، هم العلماء منهم» (٢).

وقال سبحانه: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: ٤٦].

«(والكلم) «جماع كلمة»، و {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ} أي: «يبدلون معناها ويغيرونها عن تأويله.

وكان مجاهد يقول: عنى بالكلم «التوراة» (٣).

وكما قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)} [البقرة].

قيل سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله- في خلق أفعال العباد عن ابن عباس -رضي الله عنه- {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} قال: نزلت في أهل الكتاب» (٤).


(١) المرجع السابق (٢/ ٢٤٦).
(٢) تفسير الطبري (٢/ ٣٤٦).
(٣) المرجع السابق (٨/ ٤٣٢).
(٤) خلق أفعال العباد (ص: ٥٤)، قال العلَّامة أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله- في الصحيح المسند من أسباب النزول ص (١٧) الحديث رجاله رجال الصحيح إلا عبد الرحمن ابن علقمة وقد وثقه النسائي وابن حبان والعجلي، وقال ابن شاهين: قال ابن مهدي: كان من الأثبات الثقات ا. هـ. تهذيب التهذيب.

<<  <   >  >>