للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ … وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (٨٧)} [البقرة].

«ينعت، تبارك وتعالى، بني إسرائيل بالعتو والعناد والمخالفة، والاستكبار على الأنبياء، وأنهم إنما يتبعون أهواءهم، فذكر تعالى أنه آتى موسى الكتاب وهو التوراة فحرفوها وبدلوها، وخالفوا أوامرها وأولوها.

وأرسل الرسل والنبيين من بعده الذين يحكمون بشريعته» (١).

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأةُ فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوها في البيوت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ».

فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريدُ هذا الرجل أن يدعَ من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه» (٢).

ومن هذا العتو والعناد والاستكبار يرون أنهم فوق النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام -رضي الله عنهم-.

وفي الختام:

فهذا غيض من فيض عن جانب من جوانب أخلاق اليهود وبيان لبعض أوصافهم في كتاب ربنا وفي سنة نبينًا -صلى الله عليه وسلم-، والملاحظ أن كثيرًا من الآيات التي بين الله تعالى فيها وصف أخلاقهم وسيء فعالهم وخسة طباعهم إنما وردت بصيغة المضارع غالبًا، والمضارع يفيد الاستمرار كما هو معلوم، وذلك والله أعلم يفيد أن تلك الأخلاق الدنية مستمرة معهم عبر الأجيال تلو الأجيال، والواقع المرير الذي تعيشه الأمة المسلمة في صراعها الدائم مع اليهود يشهد لذلك، والله تعالى أعلم.


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٣٢٢).
(٢) مسلم (٣٠٢).

<<  <   >  >>