للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يغفره الله» (١) ا. هـ.

فالخوف والرجاء والذل والحب والخوف كلها من أعمال العباد، وتوحيد الألوهية إنما هو: توحيد الله بأفعال العباد.

ويؤكد ابن كثير تعريفه للشرك بنفس المعنى بعبارة مختصرة فيقول: «الشرك الأعظم [أن] (٢) يُعبَد مع الله غيره» (٣).

كما قال تعالى: {قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا … لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)} [الشعراء: ٩٦ - ٩٨].

ويقول سبحانه: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١)} [الأنعام].

يتبين مما سبق من تعريف أهل العلم للشرك، أن الشرك في عبادة الله هو الشرك الأكبر والأعظم الذي لا يغفره الله أبدًا لمن مات مشركًا.

وإذا أردنا أن نتأمل حقيقة الخطب الجلل المترتب على الشرك الأكبر، فلنتدبر دعاء خليل الرحمن -عليه السلام- وتضرعه وإلحاحه على ربه أن يباعده ويجافيه عن الشرك هو وبنيه، ولقد بوَّب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتابه «التوحيد» ما يدل على ذلك فقال في الباب الرابع: باب الخوف من الشرك، وذكر هذه الآية:

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦)} [إبراهيم].

وإبراهيم -عليه السلام- خليل الرحمن ومن هو في قدره ومكانته ودرجته ورتبته، إنه كان أمة، وكان قدوة، اختصه الله تعالى بهذا الوصف، كما قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠)} [النحل].


(١) تجريد التوحيد (ص: ١٠).
(٢) أضاف الباحث (أن) بين المعكوفين حتى يستقيم الكلام.
(٣) تفسير ابن كثير (٢/ ٥١٢).

<<  <   >  >>