للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود (١).

ويقول ابن رشدالحفيد (٢) -رحمه الله-: وأما من يقيم هذا الحد-أي: جلد شارب الخمر- فاتفقوا على أن الإمام يقيمه وكذلك الأمر في سائر الحدود (٣).

ومن حجج هؤلاء عدم وجود محاكم شرعية تقيم الحدود.

وفي ذلك يقول سماحة شيخنا الإمام ابن باز -رحمه الله-: جوابًا عن سؤال فيمن يُجافي المستأمنين، فذكر أنهم يحالون للمحكمة الشرعية، فسئل عما لو لم تكن هناك محاكم شرعية؟

فقال -رحمه الله-: «إذا لم توجد محاكم شرعية؛ فالنصيحة فقط، النصيحة لولاة الأمور، وتوجيههم للخير، والتعاون معهم، حتى يُحَكِّموا شرع الله، أما أن الآمر والناهي يمد يده، أو يقتل أو يضرب؛ فلا يجوز، لكن يتعاون مع ولاة الأمور بالتي هي أحسن، حتى يحكموا شرع الله في عباد الله، وإلا فواجبه النصح، وواجبه التوجيه إلى الخير، وواجبه إنكار المنكر بالتي هي أحسن، هذا هو واجبه، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]. ولأن إنكاره باليد بالقتل أو الضرب؛ يترتب عليه شر أكثر، وفساد أعظم بلا شك ولا ريب، لكل من سَبَرَ هذه الأمور وعرفها» (٤). اهـ.


(١) القرطبي (٢/ ٢٤٥، ٢٦٤).
(٢) ابن رشد الحفيد: (ت ٥٩٥ هـ). محمد بن أحمد بن محمد بن رشد، ويلقب بالحفيد تميزًا له عن جده أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد الذي يميز بالجد، فقيه مالكي، فيلسوف، طبيب من قرطبة. ولد سة (٥٢٠ هـ). عني بكلام أرسطو وترجمته إلى العربية وزاد عليه زيادات كثيرة، اتهم بالزندقة والإلحاد فنفي إلى مراكش وأحرقت بعض كتبه، ومات بمراكش سنة (٥٩٥ هـ) ودفن بقرطبة. من تصانيفه: فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، وتهافت التهافت، في الرد على كتاب تهافت الفلاسفة للغزالي وبداية المجتهد ونهاية المقتصد. ينظر: ترجمته في (تاريخ قضاة الأندلس (١/ ١١١)؛ الديباج المذهب (١/ ٢٨٤ (.
(٣) بداية المجتهد (٢/ ٢٣٣).
(٤) نقلًا عن (فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة) (ص ٦٧ - ٦٨) لمحمد بن حسين بن سعيد.

<<  <   >  >>