للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله في أول كل سورة، وهذا أعدل الأقوال الثلاثة في هذه المسألة.

وسواء قيل بالقطع في النفي أو الإثبات، فذلك لا يمنع كونها من موارد الاجتهاد التي لا تكفير ولا تفسيق فيها للنافي ولا للمثبت، بل قد يقال ما قاله طائفة من العلماء: إن كل واحد من القولين حق، وأنها آية من القرآن في بعض القراءات، وهي قراءة الذين يفصلون بها بين السورتين، وليست آية في بعض القراءات، وهي قراءة الذين يصلون ولا يفصلون بها بين السورتين» (١).

ولقد جعل بعض أهل العلماء الاختلاف في قرآنية البسملة، كاختلاف أئمة القراءات في بعض الكلمات والحروف، فقد يَثبُتُ بعضُها في قراءة أو رواية، وقد لا يَثبُتُ في غيرها.

وفي نحو ذلك أيضًا يقول رشيد رضا: «وأقول الآن: أجمع المسلمون على أن البسملة من القرآن وأنها جزء آية من سورة النمل. واختلفوا في مكانها من سائر السور، فذهب إلى أنها آية من كل سورة؛ علماء السلف من أهل مكة- فقهائهم وقرائهم- ومنهم ابن كثير، وأهل الكوفة ومنهم عاصم والكسائي من القراء، وبعض الصحابة والتابعين من أهل المدينة، والشافعي في الجديد وأتباعه، والثوري وأحمد في أحد قوليه، ومن المروي عنهم ذلك من علماء الصحابة: علي وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة، ومن علماء التابعين سعيد بن جبير، وعطاء، والزهري، وابن المبارك، وأقوى حججهم في ذلك إجماع الصحابة ومن بعدهم على إثباتها في المصحف أول كل سورة سوى سورة براءة (التوبة) مع الأمر بتجريد القرآن عن كل ما ليس منه، ولذلك لم يكتبوا (آمين) في آخر الفاتحة، وأحاديث منها ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

«أنزلت علي آنفًا سورة» فقرأ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ


(١) انتهى بتصرف يسير جدًّا وللتوسع ينظر: مجموع الفتاوى): ١٣/ ٣٨٩).

<<  <   >  >>