للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُهُ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ، وَأَنْ يَتَعَدَّى الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ الثَّابِتَ بِالنَّصِّ بِعَيْنِهِ إلَى فَرْعٍ هُوَ نَظِيرُهُ وَلَا نَصَّ فِيهِ

ــ

[كشف الأسرار]

إلَيْهِ دُونَ الْمَحَلِّ إلَّا أَنَّهُمْ لَمَّا سَمَّوْا الْمَحَلَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ أَصْلًا سَمَّوْا الْمَحَلَّ الْآخَرَ فَرْعًا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْأَصْلِ هَا هُنَا النَّصَّ الْمُثْبِتَ لِلْحُكْمِ فَالْمُرَادُ مِنْ الْخُصُوصِ التَّفَرُّدُ كَمَا فِي قَوْلِك: فُلَانٌ مَخْصُوصٌ بِعِلْمِ الطِّبِّ أَيْ مُنْفَرِدٌ بِهِ مِنْ بَيْنِ الْعَامَّةِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ لَا الْمَخْصُوصُ مِنْ صِيغَةٍ عَامَّةٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ عَنْ الْقِيَاسِ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَمَّا خُصُّوا عَنْ عُمُومِ نَصِّ الْقِتَالِ أَلْحَقَ بِهِمْ الشُّيُوخَ وَالصِّبْيَانَ وَالرَّهَّابِينَ وَغَيْرَهُمْ بِالْقِيَاسِ وَالْبَاءُ فِي بِحُكْمِهِ بِمَعْنَى مَعَ، وَفِي بِنَصٍّ آخَرَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمُخْتَصُّ بِهِ غَيْرُ مَذْكُورٍ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْأَصْلِ أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ النَّصُّ الْمُثْبِتُ لِلْحُكْمِ فِي الْمَحَلِّ مُخْتَصًّا مَعَ حُكْمِهِ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ بِسَبَبِ نَصٍّ آخَرَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ وَتَفَرُّدِهِ بِهِ مِثْلَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَمَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ فَحَسْبُهُ» فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ مَعَ حُكْمِهِ، وَهُوَ قَبُولُ شَهَادَةِ الْفَرْدِ بِمَحَلِّ وُرُودِهِ، وَهُوَ خُزَيْمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِسَبَبِ نَصٍّ آخَرَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] فَإِنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ مُرَاعَاةَ الْعَدَدِ لَزِمَ مِنْهُ نَفْيُ قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْدِ فَإِذَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ فِي مَوْضِعٍ كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ وَلَا يَعْدُوهُ لِلنَّصِّ النَّافِي فِي غَيْرِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَحَلَّ الْحُكْمِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ فَالْمُرَادُ مِنْ الْخُصُوصِ التَّفَرُّدُ كَمَا قُلْنَا وَالْبَاءُ فِي بِحُكْمِهِ صِلَةُ الْخُصُوصِ وَفِي بِنَصٍّ آخَرَ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَحَلُّ الْحُكْمِ مُخْتَصًّا بِالْحُكْمِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ بِسَبَبِ نَصٍّ آخَرَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهَذَا الْحُكْمِ مِثْلَ خُزَيْمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ أَيْ مُتَفَرِّدٌ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَعُرِفَ هَذَا الِاخْتِصَاصُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] .

وَالْمُرَادُ مِنْ الْخُصُوصِ خُصُوصُ الْعُمُومِ إلَّا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ خُصُوصٌ بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ لَا مُطْلَقُ الْخُصُوصِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْقِيَاسِ وَالْبَاءُ فِي بِنَصٍّ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْخُصُوصِ، وَالنَّصُّ الْآخَرُ الدَّلِيلُ الْمُخَصِّصُ، وَالْمَخْصُوصُ مِنْهُ غَيْرُ مَذْكُورٍ يَعْنِي يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَحَلُّ الْحُكْمِ مَخْصُوصًا بِحُكْمِهِ عَنْ قَاعِدَةٍ عَامَّةٍ بِنَصٍّ آخَرَ يُخَصِّصُهُ مِثْلَ خُزَيْمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِحُكْمِهِ وَهُوَ قَبُولُ شَهَادَتِهِ وَحْدَهُ عَنْ الْعُمُومَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلْعَدَدِ مِثْلَ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البقرة: ٢٨٢] {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ فَحَسْبُهُ» وَلَكِنْ بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ فَيَمْنَعُ مِنْ إلْحَاقِ غَيْرِهِ بِهِ قِيَاسًا سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْفَضِيلَةِ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ دُونَهُ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْفَقُ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ.

١ -

قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُهُ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ) .

الضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ إلَى الْحُكْمِ وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ فَإِنَّ الْعُدُولَ لَازِمٌ وَهُوَ الْمَيْلُ عَنْ الطَّرِيقِ فَلَا يَتَأَتَّى الْمَجْهُولُ عَنْهُ إلَّا بِالْبَاءِ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ مَعَ الْبَاءِ مَعْنَى الْفَاعِلِ أَيْ وَمِنْ شُرُوطِهِ أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ عَادِلًا عَنْ سَنَنِ الْقِيَاسِ أَيْ مَائِلًا عَنْهُ يَعْنِي لَا يَكُونُ عَلَى خِلَافِهِ وَأَنْ يَتَعَدَّى الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ الثَّابِتُ بِالنَّصِّ بِعَيْنِهِ إلَى فَرْعٍ هُوَ نَظِيرٌ وَلَا نَصَّ فِيهِ الضَّمِيرُ فِي بِعَيْنِهِ عَائِدٌ إلَى الْحُكْمِ وَفِي نَظِيرِهِ إلَى الْأَصْلِ وَفِي فِيهِ إلَى الْفَرْعِ وَهَذَا الشَّرْطُ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا فِي الْحَقِيقَةِ لِتَضَمُّنِهِ اشْتِرَاطَ التَّعْدِيَةِ وَكَوْنِ الْحُكْمِ شَرْعِيًّا وَعَدَمِ تَغْيِيرِهِ فِي الْفَرْعِ فَإِنَّ قَوْلَهُ بِعَيْنِهِ يُشِيرُ إلَيْهِ وَمُمَاثَلَةِ الْفَرْعِ الْأَصْلَ وَعَدَمِ وُجُودِ النَّصِّ فِي الْفَرْعِ إلَّا أَنَّ الْكُلَّ لَمَّا كَانَ رَاجِعًا إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>