للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا بَابٌ لَا يُحْصَى عَدَدُ فُرُوعِهِ فَاقْتَصَرْنَا فِيهِ عَلَى الْإِشَارَةِ إلَى الْجُمَلِ.

وَأَمَّا النَّوْعُ الرَّابِعُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ: وَهُمَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ.

ــ

[كشف الأسرار]

وُجِدَ أَصْلٌ يُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ فِي غَيْرِ التَّقَابُضِ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَمْثِلَةِ صَحَّتْ التَّعْدِيَةُ أَيْضًا (فَإِنْ قِيلَ) قَدْ وُجِدَ فِي جَوَازِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ أَصْلٌ وَهُوَ عُقُودُ الْمُعَامَلَاتِ فَإِنَّ النِّكَاحَ مِنْهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الشُّهُودُ لِصِحَّةِ الْمُعَامَلَاتِ شَرْعًا وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى بَعْضِهَا حِلُّ الِاسْتِمْتَاعِ كَبَيْعِ الْأَمَةِ فَيُعَلَّلُ ذَلِكَ الْأَصْلُ لِتَعْدِيَةِ الْحُكْمِ بِهِ إلَى الْفَرْعِ، وَكَذَلِكَ وُجِدَ لِسُقُوطِ اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ لِحِلِّ الذَّبِيحَةِ أَصْلٌ وَهُوَ النَّاسِي فَيُعَلَّلُ لِتَعْدِيَةِ الْحُكْمِ بِهِ إلَى الْفَرْعِ (قُلْنَا) لَمْ يُشْتَرَطْ الشُّهُودُ فِي النِّكَاحِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُعَامَلَةٌ وَلَكِنَّ اشْتِرَاطَ الشُّهُودِ فِيهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ لِلتَّنَاسُلِ وَإِنَّهُ يَرِدُ عَلَى مَحَلٍّ لَهُ خَطَرٌ وَهُوَ مَصُونٌ عَنْ الِابْتِذَالِ فَلِإِظْهَارِ خَطَرِهِ يَخْتَصُّ بِشَرْطِ الشُّهُودِ وَلَا يُوجَدُ أَصْلٌ فِي الْمَشْرُوعَاتِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِيُعَلَّلَ ذَلِكَ الْأَصْلُ فَيُعَدَّى الْحُكْمُ بِهِ إلَى الْفَرْعِ.

وَأَمَّا النَّاسِي فَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ شَرْطُ التَّسْمِيَةِ وَلَكِنَّهُ جَعَلَهُ كَالْمُسَمَّى حُكْمًا لِلْعُذْرِ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «تَسْمِيَةُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» كَمَا جَعَلَ النَّاسِيَ فِي الصَّوْمِ كَالْمُبَاشِرِ لِرُكْنِ الصَّوْمِ حُكْمًا بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «تِمَّ عَلَى صَوْمِك فَإِنَّمَا أَطْعَمَك اللَّهُ وَسَقَاك» وَهَذَا حُكْمٌ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ وَتَعْلِيلُ مِثْلِهِ لِتَعْدِيَةِ الْحُكْمِ بَاطِلٌ مَعَ أَنَّ الْعَامِدَ لَيْسَ كَالنَّاسِي لِانْعِدَامِ الْعُذْرِ فِي حَقِّهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ قِيَاسَ الْعَامِدِ عَلَى النَّاسِي فِي الصَّوْمِ لَا يَجُوزُ فَكَذَا هَاهُنَا، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ أَصْلٌ يَصِحُّ تَعْلِيلُهُ فَصَارَ حَاصِلُ الْبَابِ أَنَّ إثْبَاتَ السَّبَبِ أَوْ الشَّرْطِ أَوْ الْحُكْمِ بِالتَّعْلِيلِ ابْتِدَاءً لَا يَجُوزُ فَأَمَّا بِطَرِيقِ التَّعْدِيَةِ فَجَائِزٌ عِنْدَ وُجُودِ شَرَائِطِ التَّعْدِيَةِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ النَّظَائِرِ إنَّمَا حَكَمْنَا بِفَسَادِ التَّعْلِيلِ لِعَدَمِ أُصُولٍ تُقَاسُ هَذِهِ الْأَمْثِلَةُ عَلَيْهَا لَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِلْقِيَاسِ وَأَمَّا النَّوْعُ الرَّابِعُ وَهُوَ تَعْدِيَةُ حُكْمٍ مَعْلُومٍ إلَى آخِرِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ يَعْنِي الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ، الثَّابِتُ بِالتَّعْلِيلِ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّأْيِ مُسْتَنْبَطٌ بِالْعِلَّةِ إلَّا أَنَّهُمَا فِي حَقِّ الْحُكْمِ نَوْعَانِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يُثْبِتُ مَا يَنْفِيهِ الْآخَرُ ثُمَّ الْحُكْمُ إذَا تَعَلَّقَ بِالْمَعْنَى فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى جَلِيًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ كَانَ جَلِيًّا سَمَّيْنَاهُ قِيَاسًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّيْنَاهُ اسْتِحْسَانًا

<<  <  ج: ص:  >  >>