. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[كشف الأسرار]
وَالْقَضَاءُ اسْمٌ لِفِعْلٍ مِثْلَ مَا فَاتَ وَقْتُهُ الْمَحْدُودُ فَشَرْطُ الْوَقْتِ فِي الْإِعَادَةِ فَلَا يَكُونُ إتْيَانُهُ بَعْدَ الْوَقْتِ إعَادَةً، وَمَنْ جَعَلَ الْأَمْرَ حَقِيقَةً فِي النَّدْبِ قَالَ الْأَدَاءُ مَا فُعِلَ أَوَّلًا فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ شَرْعًا وَالْقَضَاءُ مَا فُعِلَ بَعْدَ وَقْتٍ مُقَدَّرٍ اسْتِدْرَاكًا لِمَا سَبَقَ لَهُ وُجُوبٌ وَالْإِعَادَةُ مَا فُعِلَ ثَانِيًا فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ لِخَلَلٍ فِي الْأَوَّلِ، فَقَوْلُهُ مَا فُعِلَ يَتَنَاوَلُ الْفَرَائِضَ وَالنَّوَافِلَ، وَقَوْلُهُ أَوَّلًا احْتِرَازٌ عَنْ الْإِعَادَةِ.
وَقَوْلُهُ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ احْتِرَازٌ عَنْ الْقَضَاءِ، وَقَوْلُهُ فِي تَعْرِيفِ الْقَضَاءِ اسْتِدْرَاكًا احْتِرَازًا عَمَّا إذَا فُعِلَ لَا بِقَصْدِ الِاسْتِدْرَاكِ وَقَوْلُهُ لِمَا سَبَقَ لَهُ وُجُوبٌ احْتِرَازٌ عَنْ النَّوَافِلِ، وَقَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ الْإِعَادَةِ ثَانِيًا احْتِرَازٌ عَنْ الْأَدَاءِ، وَقَوْلُهُ لِخَلَلٍ أَيْ لِفَوَاتِ شَرْطٍ سَوَاءٌ كَانَ مُفْسِدًا أَوْ لَمْ يَكُنْ احْتِرَازٌ عَنْ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى بِجَمَاعَةٍ بَعْدَ أَنْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ، فَإِنَّهَا لَا تُسَمَّى إعَادَةً، ثُمَّ التَّعْرِيفُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ لِلْأَدَاءِ أَحْسَنُ مِمَّا قَالُوا؛ لِأَنَّهُ جَامِعٌ يَشْمَلُ الْمُؤَقَّتَ وَغَيْرَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يَشْمَلُ غَيْرَ الْمُؤَقَّتِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ الْمُطْلَقَةِ ثُمَّ فِعْلُ غَيْرِ الْمُؤَقَّتِ إنْ كَانَ أَدَاءً عِنْدَهُمْ فَلَا يَكُونُ الْحَدُّ الَّذِي ذَكَرُوهُ جَامِعًا فَيَكُونُ فَاسِدًا بِالِاتِّفَاقِ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ كَانَ الْأَدَاءُ مُخْتَصًّا بِالْمُؤَقَّتِ كَالْقَضَاءِ فَالْحَدُّ صَحِيحٌ عِنْدَهُمْ فَاسِدٌ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ لَهُمْ أَنَّ الْأَدَاءَ مُخْتَصٌّ بِالْوَقْتِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْمُؤَقَّتِ يُسَمَّى أَدَاءً شَرْعًا وَعُرْفًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] ، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَدُّوا عَمَّنْ تَمُونُونَ» وَ «أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ نِصْفَ صَاعٍ» الْحَدِيثُ وَكُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ مُؤَقَّتًا بِوَقْتٍ مَقْدُورٍ وَيُقَالُ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ بَعْدَ سِنِينَ وَأَدَّى طَعَامَ الْكَفَّارَةِ كَمَا يُقَالُ أَدَّى الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ وَقَدْ نَصَّ الشَّيْخُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ وَالْأَدَاءُ فِي الْعِبَادَاتِ إلَى آخِرِهِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ أَدَاءٌ كَانَ الْحَدُّ الَّذِي ذَكَرُوهُ فَاسِدًا لِعَدَمِ انْعِكَاسِهِ.
وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ الْإِعَادَةَ فِي تَقْسِيمِ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ وَاجِبَةً بِأَنْ وَقَعَ الْفِعْلُ الْأَوَّلُ فَاسِدًا بِأَنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رُكْنًا آخَرَ مِنْ الصَّلَاةِ مَثَلًا فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْأَدَاءِ أَوْ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْأَوَّلَ لَمَّا فَسَدَ أَخَذَ حُكْمَ الْعَدَمِ شَرْعًا وَيَكُونُ الِاعْتِبَارُ لِلثَّانِي فَيَكُونُ أَدَاءً إنْ وَقَعَ فِي الْوَقْتِ وَقَضَاءً إنْ وَقَعَ خَارِجَ الْوَقْتِ؛ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً بِأَنْ وَقَعَ الْفِعْلُ الْأَوَّلُ نَاقِصًا لَا فَاسِدًا بِأَنْ تَرَكَ مَثَلًا فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا يَجِبُ بِتَرْكِهِ سَجْدَةَ السَّهْوِ فَلَا تَكُونُ دَاخِلَةً فِي هَذَا التَّقْسِيمِ؛ لِأَنَّهُ تَقْسِيمُ الْوَاجِبِ بِالْأَمْرِ، وَهِيَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ؛ وَلِهَذَا وَقَعَ الْفِعْلُ الْأَوَّلُ عَنْ الْوَاجِبِ دُونَ الثَّانِي وَالثَّانِي بِمَنْزِلَةِ الْخَبَرِ بِسُجُودِ السَّهْوِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ إذَا أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ أَوْ الْحُرْمَةِ يُخْرِجُ عَنْ الْعُهْدَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ كَالْحَاجِّ إذَا طَافَ مُحْدِثًا خِلَافًا لَهُمْ، وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الْفِعْلِ إذَا تَقَرَّرَ وَلَمْ يُفْعَلْ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ وَفُعِلَ بَعْدَهُ أَنَّهُ يَكُونُ قَضَاءً حَقِيقَةً سَوَاءٌ تَرَكَهُ فِي وَقْتِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَلَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَا انْعَقَدَ بِسَبَبِ وُجُوبِهِ وَتَأَخَّرَ وُجُوبُ أَدَائِهِ لِمَانِعٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمُكَلَّفُ قَادِرًا عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ كَالصَّوْمِ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ أَوْ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَيْهِ إمَّا شَرْعًا كَالصَّوْمِ فِي حَقِّ الْحَائِضِ وَإِمَّا عَقْلًا كَالصَّلَاةِ فِي حَقِّ النَّائِمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: إنَّهُ يُسَمَّى قَضَاءً مَجَازًا، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ فَرْضٌ مُبْتَدَأٌ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ الْحَقِيقِيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute