للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[كشف الأسرار]

خَارِجِيَّانِ إلَّا أَنَّ الزَّمَانَ مِنْ ضَرُورَاتِ حُصُولِ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُوجَدُ مِنْ الْعِبَادِ إلَّا فِي زَمَانٍ وَالزَّمَانُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ فِي صَلَاحِيَّتِهِ لِلْحُصُولِ وَاحِدٌ فَاسْتَوَتْ الْأَزْمِنَةُ كُلُّهَا وَصَارَ كَمَا لَوْ قِيلَ افْعَلْ فِي أَيِّ زَمَانٍ شِئْت فَيَبْطُلُ تَخْصِيصُهُ وَتَقْيِيدُهُ بِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ بِالضَّرْبِ مُطْلَقًا لَا يَتَقَيَّدُ بِآلَةٍ دُونَ آلَةٍ وَشَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ لِمَا ذَكَرْنَا فَكَذَا الزَّمَانُ فَثَبَتَ أَنَّ الْأَمْرَ بِصِيغَةٍ لَا يُفِيدُ الْفَوْرَ وَكَذَا بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْوُجُوبُ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا وَإِنْ كَانَ الْمُكَلَّفُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُخَيَّرًا بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ فَوَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فَيَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ مُقْتَضِيًا طَلَبَ الْفِعْلِ فِي مُدَّةِ عُمْرِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخْلِيَ زَمَانَ الْعُمْرِ مِنْهُ فَيَثْبُتُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ بِوَصْفِ التَّوَسُّعِ لَا بِوَصْفِ التَّضَيُّقِ، وَالتَّكْلِيفُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزٌ عَقْلًا وَشَرْعًا أَمَّا عَقْلًا فَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغُلَامِهِ افْعَلْ كَذَا فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْت بِشَرْطِ أَنْ لَا تُخْلَى هَذِهِ الْمُدَّةَ عَنْ الْوَاجِبِ صَحَّ وَلَمْ يُسْتَنْكَرْ وَأَمَّا شَرْعًا فَلِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمَعْلُومَةِ وَقَضَاءَ الْوَاجِبَاتِ فِي الْعُمْرِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ وَلِهَذَا يَكُونُ مُؤَدِّيًا فِي أَيِّ وَقْتٍ فَعَلَهُ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى الْفَوْرِ لَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ فَبَطَلَ الْقَوْلُ بِهِ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ كَلِمَاتِهِمْ فَنَقُولُ قَوْلُهُمْ فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ نَقْضُ الْوُجُوبِ إذْ الْوَاجِبُ لَا يَسَعُ تَرْكُهُ قُلْنَا مَا ذَكَرْتُمْ حُكْمُ الْوَاجِبِ الْمُضَيَّقِ فَأَمَّا الْمُوَسَّعُ فَحُكْمُهُ جَوَازُ التَّأْخِيرِ إلَى وَقْتِ مِثْلِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخْلِيَ الْوَقْتَ عَنْهُ وَلَوْ أَخْلَى عَصَى وَأَثِمَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّأْخِيرِ نَقْضُ الْوُجُوبِ وَقَوْلُهُمْ فِي التَّأْخِيرِ تَفْوِيتٌ وَذَلِكَ حَرَامٌ قُلْنَا الْفَوَاتُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ فِي مُجَرَّدِ التَّأْخِيرِ تَفْوِيتٌ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْأَدَاءِ فِي جُزْءٍ يُدْرِكُهُ مِنْ الْوَقْتِ بَعْدَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ حَسَبَ تَمَكُّنِهِ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ وَمَوْتُ الْفَجْأَةِ نَادِرٌ لَا يَصْلُحُ لِبِنَاءِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ بِأَمَارَةِ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ يَفُوتُ الْمَأْمُورُ بِهِ وَالظَّنُّ عَنْ أَمَارَةٍ دَلِيلٌ مِنْ دَلَائِلِ الشَّرْعِ كَالِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ فَيَجُوزُ بِنَاءُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (فَإِنْ قِيلَ) مَا قَوْلُكُمْ فِيمَنْ مَاتَ بَغْتَةً أَيَمُوتُ عَاصِيًا أَمْ غَيْرَ عَاصٍ فَإِنْ قُلْتُمْ يَمُوتُ عَاصِيًا فَمُحَالٌ لِأَنَّا إذَا أَطْلَقْنَا لَهُ التَّأْخِيرَ وَاخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحِسَّ بِحُضُورِهَا لَمْ يُتَصَوَّرْ إطْلَاقُ وَصْفِ الْعِصْيَانِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعِصْيَانَ بِالتَّأْخِيرِ مَعَ إطْلَاقِ التَّأْخِيرِ مُحَالٌ وَإِنْ قُلْتُمْ يَمُوتُ غَيْرَ عَاصٍ فَلَمْ يَبْقَ لِلْوُجُوبِ فَائِدَةٌ (قُلْنَا) اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إذَا مَاتَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَدَاءِ يَمُوتُ عَاصِيًا لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ تَفْوِيتًا وَتَقْيِيدُ الْمُبَاحِ بِشَرْطٍ فِيهِ خَطَرٌ مُسْتَقِيمٌ فِي الشَّرْعِ كَالرَّمْيِ إلَى الصَّيْدِ يُبَاحُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُصِيبَ آدَمِيًّا وَهَذَا لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَرْكِ التَّرَخُّصِ بِالتَّأْخِيرِ بِالْمُسَارَعَةِ إلَى الْأَدَاءِ الَّتِي هِيَ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا فَقُلْنَا بِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الظَّاهِرِ مَا دَامَ يَرْجُو الْحَيَاةَ عَادَةً وَإِنْ مَاتَ كَانَ مُفَرِّطًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ تَرْكِ التَّرَخُّصِ بِالتَّأْخِيرِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَمُوتُ عَاصِيًا وَلَكِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ فَائِدَةِ الْوُجُوبِ وَهَذَا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ التَّأْخِيرَ عَنْ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ إلَى وَقْتٍ مِثْلِهِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتُ الْمَأْمُورِ بِهِ ثُمَّ إذَا أَحَسَّ بِالْفَوَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>