للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ سَبَبُهَا فَصَارَتْ الصَّلَاةُ نَاقِصَةً لَا فَاسِدَةً فَقِيلَ لَا يَتَأَدَّى بِهِ الْكَامِلُ

ــ

[كشف الأسرار]

حَتَّى يَسْجُدُوا لَهَا فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ قِيَامِ الظَّهِيرَةِ قَارَنَهَا فَإِذَا مَالَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا دَنَتْ لِلْمَغِيبِ قَارَنَهَا فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا فَلَا تُصَلُّوا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ» فَهَذَا مَعْنَى نِسْبَةِ الْوَقْتِ إلَى الشَّيْطَانِ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الْقَصَصِ أَنَّ زَرَادُشْتَ اللَّعِينَ أَمَرَ الْمَجُوسَ بِالصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ فَجَاءَ الشَّرْعُ بِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ فِيهَا مُخَالَفَةً لَهُمْ وَقَرْنَا الشَّيْطَانِ نَاحِيَتَا رَأْسِهِ قِيلَ إنَّهُ يُقَابِلُ الشَّمْسَ حِينَ طُلُوعِهَا فَيَنْصِبُ حَتَّى يَكُونَ طُلُوعُهَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ فَيَنْقَلِبُ سُجُودُ الْكُفَّارِ لِلشَّمْسِ عِبَادَةً لَهُ.

وَقِيلَ هُوَ مَثَلٌ، ثُمَّ لَمَّا أَثْبَتَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ صَوْمِ الْأَيَّامِ الْخَمْسَةِ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ النَّهْيَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَرَدَ لِمَعْنًى فِي وَصْفِ الْوَقْتِ شَرَعَ فِي بَيَانِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ (إلَّا أَنَّ الصَّلَاةَ) أَيْ لَكِنَّ الصَّلَاةَ (لَا تُوجَدُ بِالْوَقْتِ) لِأَنَّ الْوَقْتَ لِلصَّلَاةِ ظَرْفٌ وَلَا تَأْثِيرَ لِلظَّرْفِ فِي اتِّحَادِ الْمَظْرُوفِ بَلْ هِيَ تُوجَدُ بِأَفْعَالٍ مَعْلُومَةٍ فَلَا يَكُونُ فَسَادُهُ مُؤَثِّرًا فِيهَا لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ بِخِلَافِ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ تُوجَدُ بِالْوَقْتِ لِأَنَّهُ مِعْيَارٌ لَهُ عَلَى مَا مَرَّ.

قَوْلُهُ (وَهُوَ سَبَبُهَا) إشَارَةً إلَى جَوَابِ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ فَسَادُ الظَّرْفِ لَمَّا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْمَظْرُوفِ لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤَثِّرَ فِي نُقْصَانِهِ أَيْضًا حَتَّى يَتَأَدَّى بِهِ الْكَامِلُ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فَسَادُ ظَرْفِ الْمَكَانِ فِيهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ حَيْثُ تَأَدَّى بِهَا الْكَامِلُ فَقَالَ الْوَقْتُ وَإِنْ كَانَ ظَرْفًا لَكِنَّهُ سَبَبٌ لِلصَّلَاةِ فَفَسَادُهُ يُؤَثِّرُ فِي الْمُسَبِّبِ لَا مَحَالَةَ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُجَاوِرًا وَلَمْ يَكُنْ وَصْفًا. يُؤَثِّرُ فِي النُّقْصَانِ لَا فِي الْفَسَادِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ الْمَكَانَ فِيهَا لَيْسَ بِسَبَبٍ وَلَا وَصْفٍ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْفَسَادِ وَلَا فِي النُّقْصَانِ بَلْ يُوجِبُ كَرَاهَةً وَهِيَ لَا يَمْنَعُ أَدَاءَ الْوَاجِبِ وَفِي قَوْلِهِ وَهُوَ سَبَبُهَا إشَارَةً إلَى أَنَّ الْوَقْتَ سَبَبٌ لِمَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ النَّفْلِ كَمَا هُوَ سَبَبٌ لِمَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ الْفَرْضِ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَقِمْ هَذَا الْكَلَامُ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي النَّفْلِ لَا فِي الْفَرْضِ وَقِيلَ فِي مَعْنَى سَبَبِيَّةِ الْوَقْتِ إنْ أَدْرَكَ كُلَّ زَمَانٍ وَالْبَقَاءُ إلَيْهِ نِعْمَةٌ فَيَسْتَدْعِي شُكْرًا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالُ بِالْخِدْمَةِ فِي كُلِّ الْأَزْمِنَةِ شُكْرًا إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَخَّصَ بِالْإِيجَابِ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ دُونَ الْبَعْضِ فَإِذَا نَذَرَ أَوْ شَرَعَ فَقَدْ أَخَذَ بِمَا هُوَ الْعَزِيمَةُ فَثَبَتَ أَنَّ مُطْلَقَ الْوَقْتِ سَبَبٌ فَقِيلَ لَا يَتَأَدَّى بِهِ أَيْ بِالْمَذْكُورِ وَهُوَ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ الْكَامِلِ وَهُوَ مَا وَجَبَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّ الْكَامِلَ لَا يَتَأَدَّى بِالنَّاقِصِ.

(فَإِنْ قِيلَ) لَا يَمْنَعُ النُّقْصَانُ عَنْ الْجَوَازِ كَمَا لَا يَمْنَعُ الْكَرَاهَةَ عَنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَ الْوَاجِبَاتِ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي قَضَائِهَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ وَأَنْ يُمْكِنَ فِيهِ النُّقْصَانُ وَلِهَذَا وَجَبَ جَبْرُهُ بِالسُّجُودِ إنْ كَانَ سَاهِيًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَتَأَدَّى بِهِ الْكَامِلُ كَمَا يَتَأَدَّى بِالصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ (قُلْنَا) النُّقْصَانُ إنَّمَا يَمْنَعُ إذَا كَانَ رَاجِعًا إلَى نَفْسِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَصْلًا أَوْ وَصْفًا لِأَنَّ ذَلِكَ دَخَلَ تَحْتَ الْأَمْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَمْنَعَ فَوَاتَ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْأَمْرِ عَنْ الْجَوَازِ فَأَمَّا مَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْأَمْرِ فَفَوَاتُهُ لَا يَمْنَعُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَذَلِكَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً عَمْيَاءَ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَصْفَ دَخَلَ تَحْتَ الْأَمْرِ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً تَجُوزُ وَأَنْ يُمْكِنَ فِيهِمَا نُقْصَانٌ بِفَوَاتِ الْإِيمَانِ لِأَنَّ وَصْفَ الْإِيمَانِ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْأَمْرِ فَنُقْصَانُهُ لَا يَمْنَعُ عَنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>