. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[كشف الأسرار]
الشَّرْطُ وَإِنْ تَمَّ بِقَضَاءٍ بِالْقَاضِي يَنْبَغِي أَنْ يَزُولَ مِلْكُهُ عَنْ الْمُدَبَّرِ كَمَا لَوْ قَضَى بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الضَّمَانَ بِمُقَابَلَةِ قَطْعِ الْيَدِ لَمْ تَقَعْ الْحَاجَةُ إلَى إزَالَةِ مِلْكِ الْعَيْنِ عَنْ الْمَالِكِ إلَى الْغَاصِبِ كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ إذَا لَيْسَ فِيهِ اجْتِمَاعُ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي مِلْكِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ «قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ الْمَصْلِيَّةِ أَطْعِمُوهَا الْأَسَارَى» فَقَدْ أَمَرَهُمْ بِالتَّصَدُّقِ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَمْلِكُوهَا لَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ إذَا كَانَ مَالِكُهَا مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ وَلَكِنْ يَحْفَظُ عَلَيْهِ عَيْنَ مِلْكِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ يُبَاعُ فَيُحْفَظُ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَجِبُ بِمُقَابَلَةِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَمَقْصُودُ صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا عَيْنُ الدَّرَاهِمِ لَا امْتِلَاءُ كِيسِهِ وَيَدِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ تُقَوَّمُ الْعَيْنُ بِهِ وَيُسَمَّى الْوَاجِبُ قِيمَةَ الْعَيْنِ لَا قِيمَةَ الْيَدِ وَيَتَقَدَّرُ بِمَالِيَّةِ الْعَيْنِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَلَّفَ عَنْ الضَّمَانِ الْأَصْلِيِّ بِالْغَصْبِ، وَالْمَضْمُونُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ بِعَيْنِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ لِيَخْرُجَ عَنْ الضَّمَانِ الْأَصْلِيِّ بِالْغَصْبِ فَكَذَا الْخُلْفُ يَكُونُ خُلْفًا عَنْ ذَلِكَ الْمَضْمُونِ وَهُوَ الْمَالُ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى مَا ذَكَرَهُ الْخَصْمُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ هَذَا كَمَا لَا يُقْضَى بِالْقِيمَةِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ يَمِينِ الْمَغْصُوبِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الْخَصْمُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُتَقَوِّمَ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ مَعَ إمْكَانِ جَعْلِهِ بَدَلًا عَنْ الْمُتَقَوِّمِ وَلَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ فِي الشَّرْعِ وَنَحْنُ جَعَلْنَاهُ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مُتَقَوِّمٌ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْوَاجِبَ بَدَلُ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ بِالْإِنْفَاقِ، وَالْجَبْرُ يَسْتَدْعِي الْفَوَاتَ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجْبُرُ الْفَائِتَ دُونَ الْقَائِمِ كَانَ مِنْ ضَرُورَةِ الْقَضَاءِ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ انْعِدَامُ مِلْكِهِ فِي الْعَيْنِ لِيَكُونَ جَبْرًا لِمَا فَاتَ وَلِتَتَحَقَّقَ الْمُمَاثَلَةُ الَّتِي هِيَ شَرْطُ ضَمَانِ الْعُدْوَانِ وَمَا لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ إلَّا بِشَرْطٍ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهِ يُقَدَّمُ شَرْطُهُ عَلَيْهِ لَا مَحَالَةَ كَمَا فِي قَوْلِهِ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَعْتَقَهُ يُقَدَّمُ التَّمْلِيكُ مِنْهُ عَلَى نُفُوذِ الْعِتْقِ عَنْهُ ضَرُورَةَ كَوْنِهِ شَرْطًا فِي الْمَحَلِّ لَا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَعْتِقْهُ عَنِّي سَبَبًا لِلتَّمْلِيكِ مَقْصُودًا وَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّا نُثْبِتُ بِالْعُدْوَانِ الْمَحْضِ مَا هُوَ حَسَنٌ مَشْرُوعٌ بِهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ بِالْقِيمَةِ جَبْرًا لِحَقِّهِ فِي الْفَائِتِ ثُمَّ انْعِدَامُ الْمِلْكِ فِي الْعَيْنِ لَمَّا كَانَ مِنْ شَرْطِ هَذَا الْمَشْرُوعِ يَثْبُتُ بِهِ فَيَكُونُ حَسَنًا بِحُسْنِهِ.
وَصَحَّ الْأَمْرُ بِإِيجَابِ الْبَدَلِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ شَرْطُهُ بَعْدُ وَهُوَ عَدَمُ مِلْكِ الْأَصْلِ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِمَّا يَثْبُتُ بِالِائْتِمَارِ بِهِ مُقْتَضًى كَالْأَمْرِ بِالْإِعْتَاقِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مِلْكُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَثْبُتُ مُقْتَضَى الِائْتِمَارِ بِهِ فَإِذَا أَعْتَقَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِالشِّرَاءِ أَوَّلًا ثُمَّ الْعِتْقُ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالشِّرَاءِ ثُمَّ أَمَرَ بِالْإِعْتَاقِ فَكَذَا هَهُنَا يَزُولُ مِلْكُ الْأَصْلِ أَوَّلًا مُقْتَضًى بِهِ ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِلْكُ الْبَدَلِ كَمَا لَوْ أَتَى بِمَا يَنُصُّ عَلَى الْإِزَالَةِ مِنْ ضَمَانِ بَيْعٍ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْغَصْبَ مُوجِبٌ لِلْمِلْكِ فِي الْبَدَلَيْنِ كَالْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ أَوْجَبَ اقْتِضَاءً وَالشِّرَاءَ نَصًّا (فَإِنْ قِيلَ) قَدْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ بَدَلُ الْعَيْنِ إلَّا أَنَّهُ بَدَلُ خِلَافَةٍ لَا بَدَلُ مُقَابَلَةٍ لِأَنَّ فِي بَدَلِ الْمُقَابَلَةِ قِيَامَ الْمُبْدَلِ شَرْطٌ كَالثَّمَنِ مَعَ الْمُثْمَنِ لِيُقَابِلَ بِهِ الْبَدَلَ، وَفِي بَدَلِ الْخِلَافَةِ الشَّرْطُ عَدَمُ الْأَصْلِ لِيَقُومَ الْخَلَفُ مَقَامَهُ كَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْوُضُوءِ وَالِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ مَعَ الِاعْتِدَادِ بِالْأَقْرَاءِ ثُمَّ هَهُنَا عَدَمُ الْأَصْلِ شَرْطٌ فَعُلِمَ أَنَّهُ بَدَلُ خِلَافَةٍ وَفِي بَدَلِ الْخِلَافَةِ إذَا ثَبَتَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْأَصْلِ سَقَطَ حُكْمُ الْخَلَفِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ إذَا حَصَلَتْ أَسْقَطَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute