للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَلَمَةَ بْنُ الْمُحَبِّقِ وَمَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ فَإِنْ رَوَى عَنْهُ السَّلَفُ وَشَهِدُوا لَهُ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ صَارَ حَدِيثُهُ مِثْلَ حَدِيثِ الْمَعْرُوفِ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَإِنْ سَكَتُوا عَنْ الطَّعْنِ بَعْدَ النَّقْلِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ بَيَانٌ، وَلَا يُتَّهَمُ السَّلَفُ بِالتَّقْصِيرِ، وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ مَعَ نَقْلِ الثِّقَاتِ عَنْهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا مِثْلُ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَشْجَعِيِّ فِي حَدِيثِ «بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ الْأَشْجَعِيَّةِ أَنَّهُ مَاتَ عَنْهَا هِلَالُ بْنُ أَبِي مُرَّةَ وَلَمْ يَكُنْ فَرَضَ لَهَا وَلَا دَخَلَ بِهَا فَقَضَى لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَهْرِ مِثْلِ نِسَائِهَا» فَعَمِلَ بِحَدِيثِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

ــ

[كشف الأسرار]

عُرِفَ بِمَا رَوَى مِنْ حَدِيثٍ أَوْ حَدِيثَيْنِ.

وَإِنَّمَا فَسَّرَ الشَّيْخُ الْمَجْهُولَ بِقَوْلِهِ: نَعْنِي بِهِ الْمَجْهُولَ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهَذَا اللَّفْظِ مَجْهُولَ النَّسَبِ وَتِلْكَ الْجَهَالَةُ مَانِعَةٌ عَنْ الْقَبُولِ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَانِعَةً عِنْدَ عَامَّةِ الْأُصُولِيِّينَ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ فَكَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْهَا وَسَلَمَةُ بْنُ الْمُحَبِّقِ بِكَسْرِ الْبَاءِ لَا غَيْرُ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَرْوُونَهُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَاسْمُ الْمُحَبِّقِ صَخْرُ بْنُ الْبُلَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ وَيُقَالُ سَلَمَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْمُحَبِّقِ نُسِبَ إلَى جَدِّهِ رَوَى عَنْ «النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ فَإِنْ طَاوَعَتْهُ فَهِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا، وَإِنْ اسْتَكْرَهَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا» وَلَمْ نَعْمَلْ بِهَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الصَّحِيحَ يَرُدُّهُ وَهُوَ كَالْمُخَالِفِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ وَالْإِجْمَاعِ كَحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ.

وَمَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَكِلَاهُمَا مِمَّنْ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ مِنْ مُزَيْنَةِ مُضَرَ وَهُوَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ سَكَنَ الْبَصْرَةَ مَاتَ فِي وِلَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فِي آخَرِ سِنِي مُعَاوِيَةَ وَمَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ مِنْ أَشْجَعَ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ أَبِي مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَكَنَ الْكُوفَةَ وَقُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ بِالْمَدِينَةِ صَبْرًا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَوَابِصَةُ وَهُوَ ابْنُ مَعْبَدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ كَعْب نَزَلَ الْكُوفَةَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إلَى الْجَزِيرَةِ وَبِهَا مَاتَ.

وَعَنْ وَابِصَةَ أَنَّ «رَجُلًا صَلَّى خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يُعِيدَ» وَقَوْلُهُ وَشَهِدُوا لَهُ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنَّ رِوَايَتَهُمْ عَنْهُ لِلْقَبُولِ وَالْعَمَلِ بِهِ لَا لِلرَّدِّ عَلَيْهِ صَارَ حَدِيثُهُ مِثْلَ حَدِيثِ الْمَعْرُوفِ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ يَعْنِي مِثْلَ حَدِيثِ الْمَعْرُوفِ بِالْفِقْهِ وَالْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ فَيُقْبَلُ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ فِقْهٍ وَضَبْطٍ وَتَقْوَى وَلَمْ يُتَّهَمُوا بِالتَّقْصِيرِ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَكَانُوا لَا يَقْبَلُونَ الْحَدِيثَ حَتَّى يَصِحَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ ظَهَرَ مِنْهُمْ رَدُّ مَا خَالَفَ الْقِيَاسَ مِنْ رِوَايَتِهِمْ فَلَا يَكُونُ قَبُولُهُمْ إلَّا لِعِلْمِهِمْ بِعَدَالَةِ هَذَا الرَّاوِي وَحُسْنِ ضَبْطِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا سَمِعُوهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ لِرِوَايَةِ بَعْضِ الْمَشْهُورِينَ عَنْهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَهُوَ مَجْهُولٌ لَمْ يَظْهَرْ عَدَالَتُهُ وَلَا ضَبْطُهُ فَقَالَ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْمَعْرُوفِ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَتَعْدِيلِهِمْ إيَّاهُ، وَإِنْ سَكَتُوا عَنْ الطَّعْنِ بَعْدَ النَّقْلِ فَكَذَلِكَ يَعْنِي إنْ سَكَتُوا عَنْ الرَّدِّ بَعْدَمَا بَلَغَهُمْ رِوَايَتُهُ الْحَدِيثَ فَهُوَ مَقْبُولٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ لَا يَحِلُّ إلَّا عَلَى وَجْهِ الرِّضَاءِ بِالْمَسْمُوعِ وَالْمَرْئِيِّ فَكَانَ سُكُوتُهُمْ عَنْ الرَّدِّ دَلِيلَ التَّقْرِيرِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَبِلُوهُ وَرَوَوْا عَنْهُ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَتَطَرَّقَتْ نِسْبَةُ التَّقْصِيرِ إلَيْهِمْ وَأَنَّهُمْ لَمْ يُتَّهَمُوا بِذَلِكَ.

، وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ مَعَ نَقْلِ الثِّقَاتِ عَنْهُ فَكَذَلِكَ أَيْ إنْ عَمِلَ بِهِ الْبَعْضُ وَرَدَّ الْبَعْضُ يُقْبَلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَبِلَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ صَارَ كَأَنَّهُ رَوَاهُ بِنَفْسِهِ مِثْلُ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيِّ فِي حَدِيثِ بِرْوَعَ أَيْ قِصَّتِهَا وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُئِلَ عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا حَتَّى مَاتَ عَنْهَا فَلَمْ يُجِبْ شَهْرًا وَكَانَ السَّائِلُ يَتَرَدَّدُ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ شَهْرٍ: أَجْتَهِدُ فِيهِ بِرَأْيِي فَإِنْ يَكُ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُ خَطَأً فَمِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ وَفِي رِوَايَةٍ فَمِنِّي وَمِنْ الشَّيْطَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>