(٢) لم يكن مروان هو الوحيد الذي اشترى من عثمان - رضي الله عنه - ما كان يأتي من الفيء، فقد كانت هذه سياسة عامة من عثمان - رضي الله عنه -، فقد كان يبيع الفيء لصعوبة نقله إلى المدينة، أو لأنه كان عقارات لا يمكن نقلها، وقد اشترى كثيرون منه - رضي الله عنه - كطلحة بن عبيد الله والأشعث بن قيس، ولكن الناس إنما ذكروا ما اشتراه مروان وضخموه. ولابد من التنبيه إلى أن المال كان قد فاض بشكل كبير، وجاءت الغنائم من كل مكان، وتوسع كثير من الصحابة في معاشهم، فامتلاك الأموال الكثيرة كان شيئاً طبيعياً. انظر التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان للمالقي: ص ٤٧، ٦١. والاستقصا للسلاوي: ١/ ٣٣، ٣٤. هذا وقد نفى الباقلاني أن يكون عثمان - رضي الله عنه - قد أعطى مروان شيئاً من الخمس انظر التمهيد في الرد على الملحدة للباقلاني: ص ٢٢٤. وانظر أيضاً كمثال على سياسة عثمان بالمال ما رواه الطبري في تاريخه: ٣/ ١٤٧ عن ذهل بن الحارث (وكان يريد مصقلةُ بن هبيرة عاملُ عليٍ على أردشير خره أن يبعثه إلى معقلِ ابن قيس قائدِ الجيش الذي بعثه علي - رضي الله عنه - لقتال الخوارج) قال: دعاني مصقلة بن هبيرة إلى رَحْله فقُدم عشاؤه فطعمنا منه ثم قال: والله إن أمير المؤمنين - يعني علياً - رضي الله عنه - يسألني هذا المال (الذي اشترى به الأسرى النصارى من سيدنا علي - رضي الله عنه - بعد المعركة التي قتل فيها الخارجي الخريت بن راشد وكانوا قد اشتركوا مع الخارجي بالقتال فلما هُزموا ساقهم معقل إلى علي ولما مروا بمصقلة ارتفع فيهم العويل والبكاء فرقَّ لهم وفداهم بالمال) ولا أقدر عليه. فقلت: والله لو شئت ما مضت عليك جمعة حتى تجمع جميع المال. فقال: والله ما كنت لأحملها قومي ولا أطلب فيها إلى أحد. ثم قال: «أما والله لو أن ابن هند (أي معاوية - رضي الله عنه -) هو طالبني بها أو ابن عفان لتركها لي، ألم تر إلى ابن عفان حيث أطعم الأشعث من خراج أذربيجان مائة ألف في كل سنة. فقلت له: إن هذا (يعني الإمام علياً - رضي الله عنه -) لا يرى هذا الرأي لا والله ما هو بباذل شيئاً كنتَ أخذتَه. فسكت ساعة وسكتُّ عنه، فلا والله ما مكث إلا ليلة واحدة بعد هذا الكلام حتى لحق بمعاوية».