للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنه لا يحسن الصلاة. عزله وولى الوليد، وقد ظهر من الوليد فيما بعد ما أنكره الناس عليه من شرب الخمر؛ فقد صلَّى بالناس الصبح أربعاً وقال لهم: أزيدكم؟ - وقد كان سكراناً - (١) فلما تبيَّن ذلك لعثمان عزله بعد تريث حتى ثبتت عنده الواقعة وشهد عليها الشهود، فجلده أربعين جلدة، وولى سعيد بن العاص، هذا التريث لم يفهمه بعض الناس على وجهه وظنُّوا أن عثمان - رضي الله عنه - يحابي أخاه لأمه (٢).

وقد دافع سيدُنا علي - رضي الله عنه - أثناء خلافته عن عثمان - رضي الله عنه - في هذه الحادثة؛ فقد ذكر المالقي عن عطية عن أبي العريف ويزيد الفقعسي قالا: كان الناس في الوليد فرقتين، العامَّة معه والخاصَّة عليه (أي ممن حقد عليه لأسباب معروفة)، فما زال عليهم من ذلك خشوع حتى كانت صفين، فولي معاويةُ فجعلوا يقولون عيبَ عثمان بالباطل، (أي استخدموا ذلك كوسيلة للنيل من معاوية - رضي الله عنه - ومن معه) فقال لهم علي - رضي الله عنه -: «إنكم وما تعيرون به عثمان كالطاعن نفسه ليقتل ردفه وما ذنب عثمان في رجل قد ضربه بقولكم وعزَلَه!» (٣).

٢ - ومن ذلك أنه أعطى مروان بن الحكم خُمس أفريقية، فبعد أن عزل عمرَو بن العاص عن خراج مصر سنة (٢٦) أو (٢٧) واستعمل عليه عبد الله بن سعد بن أبي سرح (٤) - وكان أخا عثمان - رضي الله عنه - من الرضاعة - فلما ولاه عثمان - رضي الله عنه -


(١) سبق تخريجه في: ص (٨٢) حاشية (٢).
(٢) سبب التريث أنه بعد مرور خمس سنين على إمارة الوليد تمالأ قوم على رجل من خزاعة فقتلوه، فكتب الوليد بشأنهم إلى عثمان فأمره بقتلهم، فقتلهم فحقد عليه أولياؤهم وصاروا يكيدون له المرة تلو الأخرى حتى اتهموه بشرب الخمر، وذكروا ذلك لابن مسعود، ثم لعثمان، فأراد - رضي الله عنه - التثبت من الواقعة حتى يشهد الشهود، فشهد عليه هؤلاء فجلده وعزله، وهو ينكر ذلك. انظر: التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان للمالقي: ص ٥٠ - ٥٤. وفتح الباري لابن حجر: ٧/ ٦٩. وقد روى مسلم هذه الواقعة في صحيحه: ٣/ ١٣٣١ كتاب الحدود، باب حد الخمر رقم (١٧٠٧) عن علي - رضي الله عنه - بلفظٍ أوله: «شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان ... الخ». شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: مج ١/ ٣٠٨.
(٣) انظر التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان للمالقي: ص ٥٧.
(٤) انظر معجم البلدان: ١/ ١٨٨. وكان ابن أبي سرح يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأزله الشيطان فلحق بالكفار فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح أن يُقتل فاستجار له عثمان - رضي الله عنه -، ثم كان عبد الله بن سعد بعد ذلك محموداً، وولي لعمر - رضي الله عنه - على الصعيد، ثم ولاه عثمان - رضي الله عنه - مصر كلها. انظر سير أعلام النبلاء للذهبي: ٣/ ٣٤. ولكن ذكر السيوطي أن أهل مصر جاؤوا إلى عثمان في آخر خلافته يشتكون من ابن أبي سرح، وكانت هذه القصة هي التي أدت إلى مقتل عثمان - رضي الله عنه -. انظر تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص ١٥٧.

<<  <   >  >>