للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اختصر ابن حزم الكلام في الأدلة والردِّ عليها بِرَدٍ مُجملٍ فقال: «عمدة الروافض في الاحتجاج أحاديث موضوعة مكذوبة ... ولا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا فهم لا يصدقونها، ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم فنحن لا نصدقها ... إلا أن بعض ما يشغبون به أحاديث صحاح نوافقهم على صحتها، ولكن وقع الاختلاف في معناها» (١).

وعلى كلٍ فخلاف الإمامية حول شرط النص أصبح خلافاً تاريخياً بحتاً، بعد قولهم باختفاء الإمام الثاني عشر لتوقف العمل عندهم بالنص على الإمام التالي، وهم اليوم يختارون رؤساءهم بالاختيار لا بالنص.

وقد استدل القائلون بالنص على أبي بكر بأدلة كثيرة منها:

أ- حديث المرأة السائلة (٢).

ب- وحديث: «ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتاباً فإني أخاف أن يتمنى متمنٍ ويقول قائل أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (٣).

ج- وقد ذكر الطبري وابن الأثير (٤) أنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، عهد بالصلاة بعده أثناء أيام الشورى الثلاثة إلى صهيب، وعلَّلَ ذلك بأنَّه رجل من الموالي لا ينازعكم أمركم، وهذا فَهْمٌ منه - رضي الله عنه - أنََّ من يصلي بالناس في هذا الوقت سيُشار إليه بالبنان وكأنه سيخْلِفُ مَنْ قَبْلَهُ كما حصل مع أبي بكر - رضي الله عنه -، وهذا يدل على فهمهم لصلاة أبي بكر - رضي الله عنه - بالناس في مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إشارة إلى استخلافه (٥).


(١) الفصل في الملل لابن حزم: ٤/ ٧٨ وما بعدها حيث بيَّن المعنى المراد لهذه الأدلة في ردٍ قويٍ. كما أطال ابنُ تيميَّة في الردِّ على هذه الأدلة في منهاج السنَّة النبويَّة: ١/ ٣٠٤ - ٣٢٩ و: ٤/ ٥٨٧.
(٢) انظر الحديث وتخريجه في: ص (١٣٨) سطر (١) في هذه الأطروحة.
(٣) رواه عن عائشة مسلم في صحيحه: ٤/ ١٨٥٧ كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر رقم (٢٣٨٧) بنفس اللفظ. والبخاري بلفظ قريب في: ٥/ ٢١٤٥ كتاب المرضى، باب قول المريض إني وجع رقم (٥٣٤٢).
(٤) انظر ص (٨٦) حاشية (٣).
(٥) المعتمد في أصول الدين للفرَّاء: ص ٢٢٣. المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص ٣٠٤. شرح المقاصد للتفتازاني: ٥/ ٢٥٩. شرح منتهى الإرادات للبهوتي: ١/ ٥٥٥. وانظر في الحديث الذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن يصلي بالناس: صحيح البخاري: ١/ ٢٣٦ كتاب الأذان، باب حد المريض أن يشهد الجماعة رقم (٦٣٣) عن عائشة. صحيح مسلم: ١/ ٣١١ كتاب الصلاة، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر رقم (٤١٨) عن عائشة. وغيرهما. هذا وقد رفض ابن حزم أن يكون استخلاف النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر في = = الصلاة إشارة إلى استخلافه على الناس في الحُكْم، انظر: الفصل في الملل لابن حزم: ٤/ ٨٩.

<<  <   >  >>