للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي يولي الولاة على المسلمين. ومثله ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أيضاً أنه قال: «مَنْ وَلاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَأَرَادَ بِهِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ فَإِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ» (١).

ويساعدنا على فهم هذا المعنى ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - مما يرويه أنس بن مالك قال: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنُوا عَلَيْهَا خَيْراً فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَجَبَتْ» ثم مَرُّوا بِأخرى فَأَثْنوا عَلَيْهَا شَراً فقال: «وَجَبَتْ». فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ما وجبت؟. قال: ... «هذا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْراً فوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وهذا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَراً فوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ» (٢).

فحُسْنُ الثناء وضدُّه علامةٌ على ما عند الله تعالى للعبد، وإطلاق ألسنة الخلق التي هي أقلام الحق بشيء في العاجل عنوان ما يصير إليه في الآجل، ولأنَّ اجتماع الأمة على رجلٍ ما معصومٌ من الخطأ، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تجتمع أمتي على ضلالة» (٣) واستدلالاً بكل الأدلة التي تفيد عصمة الأمة بمجموعها عن الخطأ.

ومعنى كلمة (الخليفة) الواردة في حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - في دعاء السفر: «اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل» (٤) فاللفظ - وإن جاء خبراً في الجملة


(١) مسند أحمد: ٤٠/ ٤٧٦ رقم (٢٤٤١٤) عن عائشة قال محقق الكتاب: صحيح وإسناده ضعيف لضعف مسلم بن خالد وهو الزنجي وعبد الرحمن بن أبي بكر وهو ابن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي وبقية رجاله ثقات. وانظر بمعناه ما رواه البيهقي في سننه الكبرى: ٤/ ١١٥ كتاب الزكاة، باب الاختيار في دفعها إلى الوالي، بدون رقم، عن ابن عمر: «ادفعوا صدقات أموالكم إلى من ولاه الله أمركم فمن برَّ فلنفسه ومن أثم فعليها».
(٢) صحيح البخاري: ١/ ٤٦٠ كتاب الجنائز، باب ثناء الناس على الميت، عن أنس بن مالك رقم (١٣٠١)، واللفظ له. ومسلم: ٢/ ٦٥٥ كتاب الجنائز، باب من يثنى عليه خير أو شر من الموتى رقم (٩٤٩) عن أنس.
(٣) رواه الترمذي في سننه: كتاب الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة رقم (٢١٦٧) عن ابن عمر. وأبو داود في سننه: ٤/ ٩٨ كتاب الفتن، باب ذكر الفتن رقم (٤٢٥٣) عن أبي مالك الأشعري. وابن ماجه في سننه: ٢/ ١٣٠٣ كتاب الفتن، باب السواد الأعظم رقم (٣٩٥٠) عن أنس بن مالك. ورواه الطبراني في مسند الشاميين: ٢/ ٤٤٢ رقم (١٦٦٣) عن أبي مالك الأشعري. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد في ٥/ ٢١٨: ... «رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات رجال الصحيح خلا مرزوق مولى طلحة وهو ثقة».
(٤) صحيح مسلم: ٢/ ٩٧٨ كتاب الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره رقم (١٣٤٢) عن ابن = = عمر. سنن أبي داود: ٣/ ٣٣ كتاب الجهاد، باب ما يقول الرجل إذا سافر رقم (٢٥٩٨) عن أبي هريرة. والنسائي في سننه الكبرى: ٤/ ٤٦٠ كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من كآبة المنقلب حديث رقم (٧٩٣٨) عن أبي هريرة. وسنن النسائي: ٨/ ٢٧٣ كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من كآبة المنظر رقم (٥٥٠١) عن أبي هريرة. والترمذي في سننه: ٥/ ٤٩٧ كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا خرج مسافراً رقم (٣٤٣٨) عن أبي هريرة وقال: حسن غريب من حديث أبي هريرة. ورقم (٣٤٣٩) عن عبد الله بن سرجس وقال: حديث حسن صحيح. والدارمي في سننه: ٢/ ٣٧٣ كتاب الاستئذان، باب في الدعاء إذا سافر رقم (٢٦٧٣) عن ابن عمر. ومالك في الموطأ: ٢/ ٩٧٧ كتاب الاستئذان، باب ما يؤمر به من الكلام في السفر رقم (١٧٦٢). وأحمد في المسند: ٤/ ١٥٦ رقم (٢٣١١) عن ابن عباس، قال محقق الكتاب: حديث حسن كما قال الحافظ ابن حجر ورجاله ثقات رجال الصحيح إلا أن رواية سماك - وهو ابن حرب - عن عكرمة فيها اضطراب، و: ١/ ٤٥٥ رقم (٢٧٢٣) عن ابن عباس وغيرهم.

<<  <   >  >>