للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشِّيعة وابن حزم: الخليفة هو من استخلفه غيره (١).

وجمع الفراهيدي المعنيين معاً فقال: الخليفة هو من استُخلف مكان مَن قبلَه، ويقوم مقامه. أي بغض النظر عن المستخلف (٢).

ولم يبين في محيط المحيط هل يشترط الاستخلاف أو لا فقال: «الخلافة هي الإمارة والنيابة عن الغير إما لغيبة المناب عنه، أو لموته، أو لعجزه، أو لتشريف المستخلف، وعلى هذا - أي التشريف- استخلف الله عباده في الأرض» (٣).

وإنني إذ أُثْبِتُ أنَّه لا بدَّ من الاستخلاف، لا أتبنى رؤية الأخوة الشِّيعة في أنَّه لا بد أن يكون الاستخلاف من صاحب الشرع مباشرة، لأنني أقول بأنَّ المستخلِف للخليفة هو الشرع ولكن بطريقٍ غير مباشر أي عن طريق الأمَّة، فالله شَرَع للأمة الإسلامية أن تستخلفَ خليفة لها بالشورى أو بالطرق الأخرى للاستخلاف والانتخاب، وبعبارة صريحة: الله هو المستخلف حقيقة (٤)، ولكنْ ظهر ذلك في قلوب العباد وإرادتهم واجتماع رأيهم على هذا الخليفةَ أو ذاك. قال - عز وجل -: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} آل عمران/٢٦ وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ رضي لَكُمْ ثَلاثاً، وَكَرِهَ لَكُمْ ثَلاثاً: رَضِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَأَنْ تَنْصَحُوا لِمَنْ وَلاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ» (٥) فذكر - صلى الله عليه وسلم - أن الله هو


(١) الألفين للحِلِّي: ص ٤٤ - ٤٥. منار الهدى لعلي البحراني: ص ٢٢. الفصل في الملل لابن حزم: ٤/ ٨٨. الأربعين للرازي: ٢/ ٢٦٩. وانظر ترجمة الشيعة في فهرس الفرق: رقم (١٤).
(٢) كتاب العين للخليل أحمد الفراهيدي: ٤/ ٢٦٧ مادة خلف.
(٣) محيط المحيط للبستاني: ص ٢٥٠ مادة (خلف).
(٤) ورد التصريح باستخلاف الله للخليفة في قوله - صلى الله عليه وسلم - الذي يرويه البخاري في صحيحه: ٦/ ٢٦٣٢ كتاب الأحكام، باب بطانة الإمام وأهل مشورته رقم (٦٧٧٣) عن أبي سعيد الخدري ولفظه: «ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان ... ». ويقول الجرجاني في شرح المواقف: ٨/ ٣٥١: «البيعة عندنا ليست مثبتة للإمامة بل هي علامة مظهرة لها كالأقيسة والإجماعات».
(٥) صحيح مسلم: ٣/ ١٣٤٠ كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل، رقم (١٧١٥) عن أبي هريرة بلفظ قريب. مسند أحمد: ١٤/ ٣٣٥ رقم (٨٧١٨) بلفظه عن أبي هريرة و: ١٤/ ٧٨ رقم (٨٣٣٤) عن أبي هريرة، قال محقق الكتاب فيهما: إسناده صحيح على شرط مسلم. موطأ مالك: ٢/ ٩٩٠ كتاب الكلام، باب ما جاء في إضاعة المال رقم (١٧٩٦) عن أبي هريرة. صحيح ابن حبان: ٨/ ١٨٢ باب المسألة بعد أن أغناه الله جل وعلا عنها رقم (٣٣٨٨) عن أبي هريرة. و: ١٠/ ٤٢٣ باب طاعة الأمراء رقم (٤٥٦٠) عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>