للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حصل بينهما من جهة، وبين يزيد من جهة أخرى، فتنة، لأنه قتال بين المسلمين لا نفع من ورائه ولا خير (١).

بينما كان يرى بعض الصحابة أنَّ خروجه كان للدنيا ليثنوا الناس عن متابعته لما كانوا يرون في ذلك من الفتن وسفك الدماء.

فعبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يحذر الناس أن خروج ابن الزبير - رضي الله عنه - إنما هو لأجل الملك فقط، بل وكان ينظر إلى جميع المتصارعين على الخلافة في تلك الفترة نفس النظرة (٢)، ويمثِّل يزيد بن معاوية في نظره - رضي الله عنه - الخليفة الشرعيّ للمسلمين، وأنه قد أعطاه البيعة ولا يجوز الخروج عليه (٣)، وكان ينظر لابن الزبير ومن معه على أنهم بغاة، وتمنى مقاتلتهم لبغيهم على بني أمية (٤).

وكذلك رفض محمد بن الحنفية الخروج على يزيد بن معاوية لما خلعه أهل المدينة ولم يخرج لا هو ولا ابن عباس مع الحسين بن علي - رضي الله عنهم - على يزيد (٥).


(١) ممن سمَّى ما حصل بين ابن الزبير وبين بني أمية فتنة القاضي شريح عندما رفض أن يقضي بزمن الفتنة، كما ذكر الطبري في تاريخه: ٢/ ٥٥٥. وكذا النووي في شرحه على مسلم: ١٢/ ١٩٢. ونقل الذهبي في سير أعلام النبلاء: ٣/ ٢٦٤ عن بعض العلماء تسميتهم زمن ابن الزبير بزمن الفرقة. وانظر: صحيح مسلم: ٥/ ١٩٧ كتاب الجهاد والسير، باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم رقم (٤٧٨٧) و (٤٧٩١) عن ابن عباس. تاريخ دمشق لابن عساكر: ترجمة عبد الله بن الزبير ٢٨/ ١٤١ وما بعدها، و: ٢٨/ ٢٠٤، ٢٨/ ٢١٢. وهذا شبيه بتفسير القتال بين علي ومعاوية رضي الله عنهما عند ابن تيمية بأنه فتنة، انظره ففيه تفريق دقيق بين البغي والفتنة. انظر فتاوى ابن تيمية: ٤/ ٤٤٣ فصل في أعداء الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين. وكذلك سمى ابن سيرين والزهري تللك الفترة بالفتنة، انظر: مصنف عبد الرزاق: ١١/ ٣٥٧ رقم (٢٠٧٣٥) عن ابن سيرين. ومصنف ابن أبي شيبة: ٦/ ٤٣٩ كتاب الديات، باب فيما يصاب في الفتن من الدماء رقم (٢٠٦). وسنن البيهقي الكبرى: ٨/ ١٧٤ - ١٧٥ كتاب قتال أهل البغي، باب من قال لا تباعة في الجراح والدماء. السنة للخلال: ١/ ١٥١ رقم (١٢٣) عن الزهري، وقال محقق الكتاب: «في إسناده ضعيف لأن فيه يحيى بن اليمان صدوق يخطئ وقد تغير».
(٢) طبقات ابن سعد: ٤/ ١٧١ - ١٧٢.
(٣) صحيح البخاري: ٦/ ٢٦٠٣ كتاب الفتن، باب إذا قال عند قوم شيئاً ثم خرج فقال بخلافه رقم (٦٦٩٤) عن ابن عمر. مسند أحمد: ٩/ ١٠٥ رقم (٥٠٨٨) وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين. مصنف ابن أبي شيبة: ٧/ ٢٥٥ رقم (٤٢). طبقات ابن سعد: ٤/ ١٨٢ - ١٨٣.
(٤) تاريخ الإسلام للذهبي: ٥/ ٤٦٥. وهذا مخصوص بحياة يزيد بن معاوية، وأما بعد موته فابن الزبير كان هو الخليفة الشرعي.
(٥) البداية والنهاية لابن كثير: ٨/ ٢٥٥، ٢٥٦. سير أعلام النبلاء للذهبي: ٤/ ٤٠. تاريخ الإسلام للذهبي: ٤/ ١٥٠. تاريخ دمشق لابن عساكر: ٦٥/ ٣٩٧. تاريخ الطبري: ٤/ ٢٥٣.

<<  <   >  >>