يلي الخلافة، سواء كان علويّاً أو عباسيّاً، لانشغالهم بحرب بني أمية، وعملهم على تحطيم دولتهم وإزالة ملكهم.
وقد سعى أبو سلمة الخلال في الدور الأخير من أدوار الدعوة العباسية إلى تحويل الخلافة إلى العلويين، فأخفق في ذلك وبويع بالخلافة لأبي العباس السفاح، الذي أمر بقتل أبي سلمة الخلال حين اطلع على حقيقة نواياه وميوله نحو العلويين.
وقد أعلن العباسيون - كما مر- منذ قيام دولتهم أن الخلافة حق لهم، وأنها لن تخرج من أسرتهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
هنالك أدرك العلويون أن العباسيين قد خدعوهم واستأثروا بالخلافة دونهم، مع أنهم أحق بها منهم، فنابذوهم العداء ونظروا إليهم كما كانوا ينظرون إلى الأمويين من قبل، فظلوا يناضلون ويعملون ابتغاء الوصول على حقهم في الخلافة التي آمنوا بأن العباسيين أقصوهم عنها نهائيّاً، حين جعلوها - كالأمويين- ميراثاً في ذريتهم.
وكان الحسنيون - أبناء الحسن بن علي - رضي الله عنه - أول من طالب من العلويين بحقهم في الخلافة، وذلك في عهد أبي جعفر المنصور، وكانوا يشكلون خطراً كبيراً على الخلافة العباسية، وقد تزعم ثورةَ الحسنيين على بني العباس محمدُ بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، المعروف بالنفس الزكية، ومعه أخوه إبراهيم بن عبد الله.
وقد امتنع محمد النفس الزكية وأخوه إبراهيم عن مبايعة أبي العباس السفاح وأخيه أبي جعفر المنصور بعد ذلك، وأقاما في الحجاز، وأعلن النفس الزكية أنه أولى بالخلافة من أبي جعفر المنصور الذي أزعجته حركة النفس الزكية وأقضَّت مضجعه، ومما زاد من مخاوفه أن النفس الزكية كان شخصية محبوبة في بلاد الحجاز، وأنه أنفذ دعاته إلى الآفاق وبويع له في كثير من الأمصار.
وقد جعل أبو جعفر المنصور يشدد الضغط على النفس الزكية، فولَّى رياح بن عثمان على المدينة وأمره بالتشدد في طلب النفس الزكية والقضاء على حركته، فاضطر النفس الزكية إلى أن يعجل بالخروج قبل أن يتم أمر دعاته الذين أنفذهم إلى الآفاق.