فخرج في أول رجب سنة ١٤٥هـ، وقيل في ٢٨ جمادى الآخرة سنة ١٤٥هـ. فقبض على رياح بن عثمان والي المدينة وأخيه عباس بن عثمان، وحبسهما في دار مروان.
وقد رد أبو جعفر المنصور على ذلك بالقبض على عبد الله المحض والد النفس الزكية، وأمره بتسليم ابنيه محمد النفس الزكية وإبراهيم، فرفض عبد الله قائلاً: والله لو كانا تحت قدمي لما رفعتهما عنهما، سبحان الله آتيك بولديّ لتقتلهما، فأمر بالقبض عليه وعلى أهله من بني الحسن.
وبعد عدة مكاتبات بين النفس الزكية وبين أبي جعفر المنصور، لم تؤدِّ إلى نتيجة، عزم الأخير على القضاء على تلك الثورة بالقوة، فسير إلى المدينة ابن أخيه عيسى بن موسى على رأس جيش عدته أربعة آلاف، ثم أتبعه حميد بن قحطبة في جيش كثيف، ووقعت بين الطرفين معركة فاصلة في الثاني عشر من شهر رمضان سنة ١٤٥هـ انتهت بانتصار الجيش العباسي ومقتل محمد النفس الزكية، ومصادرة أموال العلويين في المدينة.
ثم توجه عيسى بن موسى إلى البصرة للقضاء على إبراهيم بن عبد الله (شقيق محمد النفس الزكية) بعد أن سيطر على البصرة وبايعه أهلها، ودارت بين الطرفين معركة حاسمة في مكانٍ يقال له: باخمرا (١)، وانتهت بهزيمة إبراهيم وقتله في ذي القعدة سنة ١٤٥هـ.
وهكذا حلت بالعلويين النكبة بمقتل الأخوين محمد النفس الزكية وإبراهيم، وتشرد من بقي من بني الحسن على قيد الحياة في البلاد، بعد أن استشهد من استشهد وقتل من قتل وحبس من حبس على أيدي العباسيين وفرَّ الإمام إدريس بن عبد الله أخو محمد وإبراهيم إلى المغرب الأقصى وأسس هناك دولة الأدارسة.
وهكذا استخدم المنصور سياسة الإرهاب تجاه العلويين، وامتدت سياسته إلى مصادرة الأموال والممتلكات، ولم يكتفِ المنصور بذلك، بل امتد إرهابه إلى كل من ساعد أو ناصر العلويين في ثورتهم، فإنه أمر بقتل كثير من أشراف البصرة الذين ناصروا الدعوة العلوية وألغى الامتيازات التي كان يتمتع بها أهل المدينة،
(١) باخمرا: موضع بين الكوفة وواسط، وهو إلى الكوفة أقرب. انظر: معجم البلدان: ١/ ٣١٦.