للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تستقل تدريجيّاً عن سلطان الخلافة العباسية المركزية.

وقد صحب ضعف الخلافة العباسية - كما يذكر الدكتور أيمن فؤاد سيد- مدٌّ شيعي كبير شهده القرن الرابع الهجري أفقد الخلافة العباسية السُّنيَّة الكثير من سيطرتها وسطوتها، حتى نستطيع أن نطلق عليه «عصر انتصار الشيعة»، فقد نجح الزيديون في إقامة دولة حاكمة في طبرستان ٢٥٠ هـ/٨٦٤ م وفي اليمن سنة ٢٨٤ هـ/٨٩٧ م، واستولى القرامطة على جنوب العراق والبحرين والإحساء، ولم يمض نحو ثلاثين عاماً على انتصار الفاطميين إلا وقد ظهر جليّاً انهيارُ سلطة الخلافة العباسية، عندما نجح البويهيون الشيعة في فرض سيطرتهم على بغداد مركز الخلافة السُّنيَّة، فكثرت بها الفتن بين الشيعة والسُّنة، وجهر بالأذان بـ ... «حي على خير العمل» في الكرخ، كما أقيم مأتم عاشوراء لأول مرة في بغداد.

وفي الواقع فقد أصبحت الخلافة العباسية - بعد دخول البويهيين إلى مسرح الأحداث- مؤسسة اسمية تمثل السلطة العليا للإسلام السُّني، وتضفي الشرعية على السلطات المطلقة التي تمتع بها العديد من الولاة، الذين كانت لهم السيادة الحقيقية، سواء في الأقاليم أو في العاصمة العباسية نفسها (١).

لقد كان الفاطميون يمثلون في هذه الحقبة التاريخية القوةَ الفتية التي تطمح إلى مد نفوذها وسيطرتها على كل الأراضي الإسلامية، مستغلة ضعف الخلافة العباسية، فجعل الفاطميون في إفريقية - بعد أن وطدوا نفوذهم بها إلى حد ما - يتحينون الفرص للعودة إلى الشرق لتحقيق حلمهم الكبير في حكم العالم الإسلامي بدل منافسيهم من السُّنة (٢).

وبقيت الدولة الفاطمية في المغرب منذ قيامها إلى انتقال إلى مصر نيفاً ونصف قرن (٢٩٧ - ٣٦٢ هـ) وتولى الحكم في هذه المدة أربعة من خلفائها هم:

١ - المهدي أبو محمد عبد الله (٣):

من ٤ ربيع الآخر ٢٩٧ هـ/٩٠٩ م، إلى وفاته في ١٤ ربيع الأول ٣٢٢ هـ.


(١) الدولة الفاطمية في مصر للدكتور أيمن سيد: ص ١٢٢.
(٢) الخطط للمقريزي: ٢/ ٣٥٧ - ٣٥٨.
(٣) انظر ترجمة المهدي في فهرس التراجم رقم (١١٣).

<<  <   >  >>