فدل هذا الحديث على: أن هذا الشيخ الكبير الذي يجد المال لكنه لا يستطيع أن يثبت على الراحلة يجب أن يقيم الابن من يحج عن أبيه بمال أبيه.
- ولحديث أبي رزين أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبيه وأنه لم يستطع الحج فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (حج عن أبيك واعتمر).
فهذه الأحاديث صريحة وواضحة في وجوب إقامة النائب لمن كان مستطيعاً بماله دون بدنه.
- قوله - رحمه الله -:
من حيث وجبا.
يعني يجب إنابة النائب من حيث وجب الحج على هذا الذي لا يستطيع ببدنه ويستطيع بماله.
ولم يقل المؤلف - رحمه الله -: (من بلده). لأن مكان الوجوب قد يكون البلد وقد يكون مكان ((الإيسار)).
فمثلاً: لو كان الإنسان فقيراً لا يستطيع الحج وهو من سكان الكوفة ثم سافر إلى المدينة وفي المدينة وجد مالاً كسبه وأصبح يستطيع الحج.
فهو الآن وجب عليه الحج في الكوفة أو في المدينة؟ في المدينة: فيجب أن ينيب عنه من يحج من المدينة لا من مدينته الأصلية وهي الكوفة، ولهذا قال المؤلف - رحمه الله -: (من حيث وجبا). ولم يقل: (من مدينته أو من بلدته) فيجب أن يقيم النائب أو أن يكلف النائب من حيث وجب عليه الحج.
واستدلوا على هذا:
- بأن المنيب إنما وجب عليه الحج من مكان الوجوب فكذلك النائب.
- وبأن القضاء يحكي الأداء.
- وببعض ظواهر الآثار عن الصحابة. فقد روي عن بعض الصحابة آثار ظاهرها وجوب الحج من البلد.
= والقول الثاني: وهو مذهب الشافعي: أن الواجب الإنابة من من ميقات هذا المنيب.
واستدل الشافعي على هذا القول:
- بأن الإحرام إنما يجب من الميقات ولا يجب قبل الميقات بل لا يشرع. فإذا كان الإحرام وهو النسك يجب من الميقات فيجب أن نقيم النائب من الميقات لا من البلده، لأن المسافة بين بلدة المنيب والميقات لا دليل على وجوب قطعها.
والراجح والله أعلم القول الثاني: لأن قطع المسافة من البلد إلى مكة مطلوب لغيره لا لذاته. يعني: مطلوب لأن يصل الإنسان إلى مكة وليس هو بنفسه مطلوباً.