الثامن من محظورات الإحرام هو: الجماع.
والجماع من أعظم المحظورات والله سبحانه وتعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة - كما سيأتينا في فتاويهم - عظموا قضية الجماع والوطء وما يتعلق به، وعظموا تحريمه وعظموا فيه الفدية، لذلك سيأتينا في بعض المسائل أن الراجح في بعضها التشديد انطلاقاً من ملحظ وهو أن الشارع في جنس الوطء في الحج شدد الأمر من حيث التحريم والفدية، ولذلك تجد أن الصحابة - رضي الله عنهم - وعلى رأسهم ابن عباس - رضي الله عنه - شددوا في هذا الباب في أكثر من مسألة ستأتينا الآن.
نبدأ بالمسألة الكبيرة وهي:
ـ الجماع قبل التحلل الأول: فهو أعظم محظورات الإحرام.
والجماع قبل التحلل الأول محرم بإجماع الفقهاء لم يخالف فيه أحد.
- لقوله تعالى: - (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ) -[البقرة/١٩٧] قال ابن عباس - رضي الله عنه - الرفث: الجماع ومقدماته.
والجماع قبل التحلل الأول ينقسم إلى قسمين:
- القسم الأول: أن يكون قبل الوقوف بعرفة.
فإذا جامع قبل الوقوف بعرفة فسد حجه بإجماع الأمة، فقد أجمعوا على أن الحج فاسد.
واستدلوا على فساده:
- بالآثار الصحيحة الثابتة المروية عن عمر وابنه وابن عباس وأبي هريرة وغيرهم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
- القسم الثاني: أن يكون بعد الوقوف بعرفة.
= وأيضاً ذهب إلى فساده الجماهير والجم الغفير من أهل العلم ولم يخالف في هذه المسألة إلا:
= الأحناف: فهم يرون أن الجماع بعد الوقوف بعرفة لا يفسد الحج.
واستدلوا على هذا:
- بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الحج عرفة).
والصواب مع الجمهور:
- - لأن الآثار التي رويت عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تفرق بين أن يقع قبل الوقوف بعرفة أو بعد الوقوف بعرفة.
ولذلك تكون الخلاصة أن الجماع قبل التحلل الأول مفسد للحج مطلقاً بالإجماع قبل عرفة وعلى الصواب الذي عليه الجماهير: بعد عرفة.
ثم لما بين المؤلف - رحمه الله - مسألة حكم الجماع قبل الحلل الأول ذكر ما يترتب على هذا الحكم:
فالأثر الأول:
- قال - رحمه الله -:
فسد نسكهما.
وتحدثنا الآن عن أقسام فساد النسك.