الأثر الثاني:
- قال - رحمه الله -:
ويمضيان فيه.
يعني أن من جامع قبل التحلل الأول: فسد نسكه ويجب عليه وجوباً أن يمضي في هذا النسك الفاسد.
ولا يعلم لهذا الحكم نظير في الشرع بأن يمضي الإنسان في عبادة فاسدة وهذا يؤكد ما ذكرت لكم سابقاً أن الشارع وفتاوى الصحابة تعظم هذا الأمر في الحج بشكل لافت للانتباه.
والدليل على وجوب المضي:
- الآثار: ذات الآثار المروية عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - التي دلت على الفساد فإنها دلت على وجوب المضي.
لكن وقع في هذه المسألة خلاف وهو وجوب المضي:
= فالجماهير: ذهبوا - كما ذكرت لك - وحسب ما ذكره المؤلف إلى وجوب المضي.
= والقول الثاني: أن الحج يفسد ولا يمضي فيه بل ينصرف إلى أهله، وإلى هذا ذهب الفقيه ابن حزم - رحمه الله -.
واستدل على ذلك:
- بأن هذا عمل ليس عليه أمر الله ولا رسوله (أي المضي في الحج الفاسد).
والجواب على ما استدل به ابن حزم - رحمه الله -:
أن هذا المضي إن كان الحج فاسداً فعليه أمر الله ورسوله بدلالة الآثار ولا يعلم مخالف بين أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
= القول الثالث: وهو رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله - أن من أفسد نسكه بالجماع قبل التحلل الأول فإنه يتحلل بعمرة ويمضي إلى أهله.
والصواب: القول الأول:
- لصراحة الآثار ووضوحها في مسألة وجوب المضي.
والأثر الثالث (الأخير):
- قال - رحمه الله -:
ويقضيانه ثاني عام.
وجوب القضاء ثاني عام محل اتفاق بين الفقهاء ودلت عليه الآثار، ويجب أن يقضي هذا النسك الفاسد من حيث أحرم به عام أول، وهذا أيضاً نوع من التشديد في جنس هذا المحظور.
وحكم هذا الحج الثاني - القضاء - وحكم الحج الذي مضى فيه: حكم الحج الصحيح في كل شيء.
فإذا أفسد المحرم نسكه ومضى فيه وألزمناه أن يمضي فيه فهذا الحج الذي مضى فيه له نفس أحكام الحج الصحيح من وجوب الكفارات ولزوم أداء الأركان والواجبات وأنه لو أفسده بجماع آخر فعليه أن يمضي فيه وأن يقضيه، وكذلك حجة القضاء تأخذ نفس الأحكام - أحكام الحج الصحيح.
إذاً بين المؤلف - رحمه الله - ثلاثة آثار للجماع:
- الأول: فساد النسك.
- والثاني: وجوب المضي.