وإن كانت هذه المسألة في الحقيقة تحتاج إلى جمع الآثار أكثر والتثبت من قضية عدم وجود فتاوى عن الصحابة تفيد جواز نقص حصاة أو حصاتين. نعم. هذه الآثار التي ذكرت الآن فيها ضعف لكن مثل هذا الباب يحتاج إلى تتبع أكثر وحسب ما بحثت لم أجد آثار أو فتاوى لكن يقع في ذهني أنه لو تتبعت هذه المسألة تتبعاً دقيقاً لوجد الإنسان فتاوى إما عن الصحابة أو عن التابعين ينسبونها إلى الصحابة تفيد جواز النقص.
وعلى كل حال هو ما سمعتم من الخلاف فبحسب كلام الفقهاء يجوز النقص على قول: حصاة وعلى قول حصاتين ولا يجوز النقص ثلاث مطلقاً.
- ثم قال - رحمه الله -:
يفعل هذا: في كل يوم من أيام التشريق.
يعني: أن هذه الكيفية لا تختص باليوم الأول بل تفعل في كل أيام التشريق على نفس الهدي الذي ذكره الصحابي الجليل الفقيه ابن عمر - رضي الله عنه -.
- ثم قال - رحمه الله -:
بعد الزوال.
يعني: أن الرمي لا يجوز قبل الزوال.
= وهذا مذهب الحنابلة وإليه ذهب الجماهير من الفقهاء وأغلب أهل العلم على هذا القول: أنه لا يجوز الرمي قبل الزوال.
واستدلوا بأدلة كثيرة: من أقواها:
- الدليل الأول: حديث ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: كنا نتحين الزوال ثم نرمي بعده.
وهذا الحديث نص في المسألة لأنهم كانوا ينتظرون بدأ وقت الجواز كما كانوا ينتظرون الزوال لصلاة الظهر.
- الدليل الثاني: حديث جابر في الصحيح أنه قال: رمى النبي - صلى الله عليه وسلم - جمرة العقبة ضحى ثم لم يرم بعد إلا بعد الزوال.
وهذا نص في أنه فرق بين ما يرمى في الضحى وبين ما يرمى بعد الزوال.
- الدليل الثالث: صح عن ابن عمر - رضي الله عنه - النهي عن الرمي قبل الزوال.
- الدليل الرابع: روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - النهي عن الرمي قبل الزوال.
- الدليل الخامس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في مواضع من الحج عديدة في ليلة مزدلفة وفي مبيت ليالي التشريق وفي الرمي أيام التشريق. فهذه الرخص التي جاءت عن النبي - رضي الله عنه - تدل على أن مناط الترخيص هو في ما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - دون ما حفظ أنه لم يرخص فيه وإلا لم يكن لمواطن الترخيص فائدة.
فهذه خمسة أدلة.