أما إن اشتغل بما يتعلق بالسفر من تجهيز أو إعداد فإنه يخرج ولو بقي وقتاً طويلاً ما دام لم يشتغل إلا بالإعداد للسفر. مثل أن يقوم بربط العفش أو أن تخرب السيارة فيسعى في إصلاحها، فمثل هؤلاء يرخص لهم في الخروج، ويرخص أيضاً بالبقاء وقتاً قصيراً وشراء سلع تتعلق بالخارج ولو لم تتعلق بالسفر ما دام الشراء والبقاء في وقت قصير فلا بأس ولو أنه أخذ سلعاً لا تتعلق بالسفر كأن يقتني هدايا أو كتب أو أي شيء لا يتعلق بالسفر.
- ثم قال - رحمه الله -:
وإن تركه غير حائض: رجع إليه. فإن شق أو لم يرجع: فعليه دم.
في هذه العبارة مسائل:
ـ المسألة الأولى: الترخيص للحائض في ترك طواف الوداع:
- لما ثبت في الحديث الصحيح وقد تقدم معنا أنه خفف عن الحائض (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن الحائض).
فإن همت بالخروج ثم طهرت: فينقسم إلى قسمين:
ـ إن طهرت قبل أن تغادر البنيان وجب عليها أن تبقى وترجع وتغتسل وتطوف للوداع.
ـ وإن طهرت بعد أن جاوزت البنيان ولو بشيء يسير فإنها تمضي ولا يجب عليها الرجوع.
* * مسألة / هل يقاس على الحائض غيرها من الذين لا يتمكنون من طواف الوداع من أصحاب الضرورات كالمرضى الذين لا يستطيعون بحال أن يطوفوا؟ أو هذا الحكم خاص بالحائض فقط.
قل من تعرض لهذه المسألة من أهل العلم. وبحثها بشكل موسع، لم أجده في كتب أهل العلم لكن شيخ الإسلام - رحمه الله - ذكر ما يشبه القاعدة فقال: - في سياق كلام له - (كما يرخص في ترك طواف الوداع للضرورة). فظاهر هذا السياق أن هذا الحكم لا يختص بالحائض وإنما يتناول كل حاج لم يستطع أن يطوف لمرض أو أي مانع آخر.
وربما نقول هذا الحكم خاص بالحائض لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج معه عدد كبير من الناس ليتأسوا به ولا شك أن فيهم المريض الذي لم يتمكن من الطواف ومع ذلك لم ينقل الترخيص إلا للحائض.
والراجح والله أعلم أنه لا يتعلق بالحائض ولا يختص بها بل يتناول كل حاج لا يستطيع أن يطوف للضرورة إلا إن كان هناك إجماع على أنه يتعلق بالحائض فإن لم يكن هناك إجماع فلا شك أن هذا القول الذي أشار إليه شيخ الإسلام هو القول الصواب.