- بأن هذا الرجل طاف بالبيت وصادف وقت الوجوب فوقع عنه.
- واستدلوا: بأن أجزاء الحج لا تحتاج إلى نية خاصة كما تقدمت معنا هذه المسألة مراراً.
لكن الإشكال في هذه المسألة أنه وإن قلنا أن أجزاء الحج لا تحتاج إلى نية خاصة إلا أن الإشكال أن هذا الرجل نوى الوداع كأنه خصه بالنية ولو كان طاف طوافاً عاماً بلا نية لقلنا أجزاء الحج لا تحتاج إلى نية لكن هذا الرجل طاف بنية الوداع وعين النية وهذا مما يضعف القول بأن طواف الوداع يجزئ عن طواف الإفاضة.
ولذلك الأقرب والله أعلم والذي تبرأ به الذمة أنه يجب أن يطوف طوافاً آخر للإفاضة.
بناء على هذا يتحتم على طالب العلم تنبيه الناس الذين يؤخرون طواف الإفاضة أن ينووا الإفاضة. فهذا هو أهم شيء: أن ينووا الإفاضة سواء نووا معه الوداع أو لم ينووا فإنه يكفيهم بالإجماع لكن الإشكال إذا لم ينووا طواف الإفاضة.
-
ثم قال - رحمه الله -:
ويقف غير الحائض: بين الركن والباب.
يقف الحاج إذا أراد أن يخرج: بين الركن والباب وهو الملتزم. ويبسط عليه كفيه ويضع خده على هذا الملتزم.
وروي في السنن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصنع هذا والحديث ضعيف ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صنع هذا العمل: أي أنه التزم الملتزم، لكن صح عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يفعلون ذلك، لكن الإشكال أن المروي عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو عند القدوم لا عند الخروج، لكن الفقهاء قالوا: ما داموا صنعوا هذا العمل فهو مستحب عند القدوم وعند الخروج، وجعلوه عند الخروج ليكون آخر عهده بالبيت الابتهال إلى الله سبحانه وتعالى والتضرع إليه، وما دام هذا العمل مروي عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا بأس به.
وظاهره أنه لا يشرب من زمزم وذهب بعض أهل العلم ومنهم الإمام الكبير مجاهد ومنهم شيخ الإسلام بن تيمية إلى أنه يشرع أن يشرب من ماء زمزم كذلك في هذا الموضع، وبعد التتبع لم أجد للإمام مجاهد ولا لشيخ الإسلام دليلاً على استحباب تخصيص هذا الموضع بشرب زمزم. فالأصل أنه لا يستحب.